بسم الله الرحمن الرحيم
يقولُ اللهُ تبارَكَ وتعالَى ﴿شَهْرُ رَمضانَ الذِي أُنْزِلَ فيهِ القُرْءَانُ هُدًى للناسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان﴾ ويقولُ تباركَ وتعالى ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الذينَ يَفْتَرُونَ على اللهِ الكَذِبَ لا يُفْلِحُون﴾ فَتَمَسُّكًا بِهَدْيِ القُرءانِ وعمَلاً بهذهِ الآيَةِ الكَريمةِ أَحْبَبْنَا أَنْ نُسْدِيَ نَصيحَةً لِلحَذَرِ مِمَّا لا أَصْلَ لَهُ مِنَ الأَحْكامِ التِي تُنْسَبُ إلَى الصِّيام.
- لا أَصْلَ لِمَا يُقالُ "إنهُ لا يَجُوزُ الأَكْلُ بعدَ النيةِ فِي الصِّيامِ لَيلاً" والحُكمُ أَنهُ لَوْ نَوَى بَعْدَ المغرِبِ أَنْ يَصُومَ يومَ غَدٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ ويَشْرَبَ ويجامِعَ إلَى مَا قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ.
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "إنهُ مَنْ نَامَ طيلةَ النَّهارِ وَهُوَ صَائِمٌ فَإِنَّ صِيامَهُ لا يَصِحُّ". والحُكْمُ أَنهُ إِنْ نَوَى الصيامَ ثم نامَ قَبلَ الفَجرِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى دخول المغربِ فصيامُهُ صحيحٌ ولا إِثْمَ عليهِ حتَّى وإِنْ فَاتَتْهُ الصلوَاتُ الخمسُ إِنْ لَمْ يَسْتَيْقِظْ أو لَمْ يُوقظْهُ أحدٌ ضِمْنَ وَقْتِ الصلاةِ فهذَا مَرْفُوعٌ عنهُ القلَمُ لِقَولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلمَ [وَعَنِ النائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظ].
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "الزِّواجُ في شَهْرِ رَمَضانَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ". وَالحكمُ أنَّ الزِّواجَ في شهرِ رَمَضانَ حَلالٌ ولا كَراهيةَ فيهِ فيَجُوزُ أَنْ يَخْطُبَ ويَعْقِدَ ويُجامِعَ شَرْطَ مُراعاةِ أحْكامِ الصيامِ ومِنْ مُراعاةِ أحكامِ الصيامِ أَنْ لا يُجامِعَ أَثْنَاءَ النَّهار. وَلا بَأسَ بِتأخِيرِ الزِّفافِ إلى ما بعدَ شَهرِ رَمَضَانَ خَشْيَةَ اندِفاعِ العَرُوسَينِ الجديدَيْنِ إلَى ما يُفَطِّر الصَّائِمَ.
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "إنَّ شهرَ رَمَضَانَ يُعرَفُ دُخولُهُ بِحسابِ الْمُنَجِّمِينَ". والحُكمُ أَنهُ لا يُعرفُ دُخُولُ رَمَضانَ شَرعًا إِلا بِرُؤْيَةِ الهِلالِ لقولِهِ صلى الله عليه وسلمَ [صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ] وَعَلَى ذلكَ انعقَدَ الإجماعُ ولا يُلْتَفَتُ لِمُخَالَفَةِ بَعضِ العَصْرِيِّينَ لِهَذَا الحُكْمِ.
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "إنَّ الغِيبَةَ تُفَطِّرُ الصَّائمَ" معَ كونِ الغيبَةِ مَعْصِيَةً بِلا شكٍّ لكنها ليْسَتْ مُفَطِّرة، قالَ الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ رَحِمَهُ اللهُ "لَوْ كانَتِ الغِيبَةُ تُفَطِّرُ الصَّائِمَ لَمَا صَحَّ لَنَا صَوْمٌ".
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "إِنَّ الزكاةَ لا تَكونُ إِلا فِي شَهرِ رَمَضانَ". والحكمُ أَنَّ الزَّكاةَ تَجِبُ إذَا حالَ الحَوْلُ عَلَى النِّصابِ في المالِ الحولِيِّ أَيِ انْقَضَى علَى وُجودِه في مِلكِهِ عَامٌ قمَرِيٌّ فيَجِبُ عليهِ أَدَاءُ الزكاةِ سَواء كانَ ذلكَ في رَمَضانَ أو شَعبانَ أو رَجَبٍ أو أَيِّ شَهْر. وَإِنْ أَخَّر بغيرِ عُذْرٍ فَقَدْ عَصَى فَإِنَّ تأخيرَ الزكاةِ عن وَقْتِها حَرام، قالَ تعالَى ﴿وءاتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِه﴾ سورة الآنعام / ءاية 141.
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "لا يَصِحُّ الصومُ مِنْ غَيْرِ صَلاة، وَيَقُولونَ الصائِمُ بلا صلاةٍ كَالرَّاعي بِلا عَصَا". الحكمُ أَنَّ هذا الكلامَ خِلافُ الدينِ فالصومُ يَصِحُّ مًا لَمْ يَرْتَكِبِ الصائِمُ أَيًّا مِنَ الْمُفَطِّراتِ كتَناوُلِ الطعامِ أَوِ الشرابِ أو الجماعِ أو الوُقوعِ في الرِّدَةِ عَنِ الإِسلام. تَارِكُ الصلاةِ يَرْتَكِبُ كلَّ يومٍ خمسَ كَبائِرَ بسبَبِ تَرْكِهِ للصَّلاةِ لكنَّ ذلك لا يُؤثِّرُ على صِحَّةِ الصومِ. حَتَّى إِنَّ بعضَ الناسِ "والعياذُ بِاللهِ" إِنْ رَأَوُا امرَأَةً لا تَسْتُرُ رَأْسَهَا عندَ خُروجِها مِنَ البَيْتِ وتكونُ مُدَاوِمَةً على الصلاةِ وتُراعِي أحكامَ الصلاةِ، هذهِ يقولونَ عنهَا لا تَصِحُّ صلاتُها فهذَا الكلامُ لا أَصْلَ لَهُ ألبتَّةَ ما قالَ ذلكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ المسلِمين.
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "شَمُّ الوَرْدِ يُفَطِّرُ الصَّائِمَ". الحكمُ أن مُطْلَقَ الشَّمِّ للوَرْدِ وغيرِهِ مِنَ الرَّوائِحِ الطَّيبَةِ أوِ الخبيثَةِ لا يُفَطِّرُ ما لَمْ يَدْخُلْ شَىءٌ لَهُ حَجْمٌ مِنْ منفَذٍ مفتوحٍِ إلَى الجوفِ.
- لا أصلَ لِما يفعلُهُ بعضُ الناسِ حيثُ يأكُلونَ قبلَ النومِ في أوَّلِ الليلِ على أَنَّ هذا الطَّعامَ هُوَ سَحور. والحُكمُ أَنَّ السحورَ يكونُ في وَقْتِ النصفِ الثانِي مِنَ الليلِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَالَ بَرَكَةَ السحورِ فعليهِ أن يأكُلَ ضمنَ الوقتِ المخصَّصِ وهوَ مِنْ مُنْتَصَفِ الليلِ إلى الفَجْرِ ويحصُلُ التَّسَحُّرُ ولو بِجَرْعَةِ مَاء.
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "إِنَّهُ مَنْ أَوْتَرَ فَلا يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّيَ بعدَهُ شَيئًا" أَو "لا يُصَلَّى بعدَ الوِتْرِ". والحُكمُ أَنْ تَخْتِمَ صلاتَكَ بِالليلِ بِالوِتْرِ أَوْ بِمُطْلَقِ نافِلةٍ أو بقضاءِ صلاةٍ فلذلكَ لا يُقالُ: لا تَصِحُّ صلاةٌ بعدَ الوِترِ. لكن لا يَصِحُّ وِترانِ في ليلةٍ لِحَديث [لا وِتْرَانِ في ليلَةٍ].
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "بَلْعُ الرِّيقِ يُفَطِّرُ الصائمَ". الحكمُ أَنَّ بَلْعَ الرِّيقِ لا يُفَطِّرُ الصائِمَ، فالقولُ بِإِفطارِ مَنْ بلعَ ريقَهُ الذِي لَمْ يُخَالِطْهُ غَيْرُهُ فيهِ إلزامٌ للصائِمِ بِجُهْدٍ وَمَشَقَّةٍ وَعُسْرٍ، فبَعْضُ الناسِ يَبْصُقُونَ دَائِمًا لَمَّا يَصومُونَ مَخافَةَ أَنْ يُفْطِرُوا بِزَعْمِهِم هَذَا مِنْ شِدَّة جَهلِهم.
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "إنَّ قَلْعَ الضِّرْسِ يُفَطِّر". والحكمُ أَنهُ لا يُفطِرُ مَنْ قلعَ ضرسَه إِلا إِذا ابتَلَعَ دَمًا ولو قليلا بِإِرادة، أما لو بلعَ مغلوبًا فَلا يُؤَثِر.
- لا أصلَ لِما يفعلُهُ كثيرٌ مِنَ الناسِ حيثُ يُمسِكُونَ وَيُفْطِرُونَ لِمُجَرَّدِ سَمَاعِهمُ الأَذانَ أَوْ رؤيَتِهمُ الإِمْسَاكِيَّةَ في هذهِ الأَيام. والحكمُ أَنَّ وَقْتَ الفَجْرِ لَهُ عَلامَاتٌ وَوَقْتُ المغربِ لَهُ علاماتٌ ولا يُعتَمَدُ على أذانِ غيرِ التقيِّ. فعلَى مَنْ أَرادَ الالتِزامَ بِالشَّرعِ أَنْ يَتَحَرَّى دُخُولَ الوَقْتِ بِحيثُ يَطْمَئِنُّ قلبُهُ.
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "إنَّ الجماعَ في ليلِ رَمَضانَ حَرامٌ". الحُكمُ أَنَّ بعدَ دخولِ المغرِبِ لِلصَّائِمِ أَنْ يَأْكُلَ ويَشْرَبَ ويُجامِعَ إلَى ما قَبْلَ وَقْتِ دُخُولِ الفَجْرِ فَعِنْدَئِذٍ يُمْسِكُ.
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "إِنَّ الاغتِسالَ أو السباحَةَ حَرَامٌ بِقَصْدِ الانتِعاشِ". الحكمُ أَنَّ الاغتسالَ أَوِ السباحَةَ ولو بعدَ الظُّهرِ وَلَوْ مِنْ أَجْلِ الانتِعاشِ فهذَا لا يَضُرُّ طالَمَا لَمْ يَدخُلْ إلى جوفِهِ الماءُ مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوح.
- لا أصلَ لِمَا يُقالُ "لا يَجوزُ الصيامُ معَ الجنابَةِ". الحكمُ أَنهُ لَوْ بَقِيَ الصائمُ كُلَّ رمضانَ جُنُبًا فهذَا لا يُؤَثِّرُ علَى الصيامِ مُطْلَقًا إِنَّمَا ارْتَكَبَ كبائِرَ كَثِيرَةً بسبَبِ تَرْكِهِ للصَّلاةِ المفروضَةِ وقد ثَبَتَ في الصحيحِ أَنَّ رسولَ اللهِ كانَ يُدْرِكُهُ الفجرُ وهو جنُبٌ مِنْ أهلِهِ وَهُوَ صَائِم.
- لا أصلَ لاقتِداءِ أصحابِ قَضاءِ الصَّلَواتِ بإِمامِ التراويحِ بِنِيَّةِ طَلبِ الثوابِ. الحكمُ أَنَّ مَنِ اقْتَدَى بإِمامٍ يُصلِّي التراويحَ أو قيامَ رمضانَ والْمُقْتَدِي يُصَلِّي قَضَاءً عليهِ فَهَذَا مَكْرُوهٌ لا ثوابَ لَهُ عندَ الشافعيةِ، وأَمَّا عندَ الحنَفِيَّةِ فَلا يَصِحُّ اقتِدَاءُ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ. والأَحسَنُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ عليهِمْ قضاءُ صَلَواتٍ جَمَاعَةً خَاصَّةً بِهم.
- لا أصلَ لِحديثِ "خَمْسٌ يُفَطِّرنَ الصائِمَ النظرةُ الْمُحَرَّمَةُ والكَذِبُ والغِيبَةُ والنَّميمَةُ والقُبْلَة". هذَا مَكْذُوبٌ على النبِيِّ ولكنْ بَعضُها يُذْهِبُ ثوابَ الصيامِ كالنَّميمَةِ وهيَ نَقْلُ الكَلامِ بينَ شخصَيْنِ علَى وَجْهِ الإِفْسَادِ.
- لا أصلَ لما هو شائعٌ جدًّا قولُهم "الزواجُ بينَ العيدَيْنَ حَرام"، أو قولُهُمْ "مَكروه" وَمَنْ قالَ بشَىءٍ من ذلكَ ففيهِ تكذيبٌ لِلشَّرعِ وذلكَ لِمَا رَوَى الإمامُ مُسْلِمٌ عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنهَا قالَت [تزوَّجنِي رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في شَوَّالٍ وبنَى بِي فِي شَوَّالٍ].رمضان