من توفيق الله تعالى للعبد المؤمن أن يوفقه للأعمال الصالحة، وبفضل هذا العطاء يعمه الخير في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.
و المتأمل في نصوص الكتاب والسنة يجد عدة فوائد للحسنات يحصل عليها المرء عند قيامه بها, ومن تلك الفوائد :
1- مضاعفة الحسنات إلى أضعاف كثيرة, وهذا من فضل الله وكرمه أن جعل الحسنات تتضاعف وأما السيئة فلا تتضاعف, قال تبارك وتعالى: (( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )) [الأنعام : 160]، بل وإن الإنسان إذا هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له حسنة.
2- حصول طمأنينة القلب وانشراح الصدر , وهذا شيء يلاحظه الإنسان في نفسه, أنه كلما تقرب المرء إلى ربه كلما وجد الأنس والسرور, ومصداق ذلك في كتاب ربنا, قال تعالى : (( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) [النحل : 97]
وقال تعالى : (( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )) [الرعد : 28]
وعلى العكس من ذلك فكلما زاد المرء في السيئات كلما زادته همومه وأحزانه , كما قال تعالى : (( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا )) [طه : 124].
3- البركة في الرزق؛ وقد جاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يُبسط له في رزقه و أن ينسأ له في أثره فليصل رحمه ) رواه البخاري
وتأمل هنا أن من جاء بصلة الرحم الذي هو من الأعمال الصالحة ومن الحسنات العظيمة " بارك الله له في رزقه وفي عمره كما قال العلماء في بيان معنى الحديث " فكيف بمن جاء بأعمال أخرى وحسنات أكثر , لا شك أن الله سيبارك الله له ويزيده من فضله.
4- القوة في الجسد, وتأمل في نداء هود عليه السلام إلى قومه (( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ )) [هود: 52 ] فانظر كيف ذكر هود عليه الصلاة والسلام أن الاستغفار والتوبة من فوائدها القوة في الجسد.
5- حفظ الله لصاحب الحسنات , وهذا واضح في الحديث الصحيح : ( احفظ الله يحفظك ) . رواه أحمد والترمذي وهو في صحيح الجامع (7985 ).
والمقصود من الحديث : احفظ أوامر الله بالامتثال واحفظ محارم الله بالانتهاء , والنتيجة : يحفظك الله , أي يحفظ لك دينك ويحفظ لك دنياك بل وصحتك وما تملك.
6- الزيادة في الخير والهداية , قال جل وعلا : (( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ))
[محمد : 17].
وقال تعالى : (( وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى )) [مريم : 76] وقال جل اسمه : (( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى )) [الكهف : 13] , وهذا أمر نلاحظه أن الحسنات ينادي بعضها بعضاً, وعلى العكس نجد أن السيئات ينادي بعضها بعضاً .
7- محبة الله تعالى , وقد جاءت النصوص بإثبات محبة الله تعالى لبعض الأعمال والأوصاف , ومنها : ( وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) [آل عمران : 134].
(( وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ )) [آل عمران : 146] (( وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ )) [التوبة : 108] (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ )) [البقرة : 222] (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )) [آل عمران : 159] (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )) [المائدة : 42] (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ )) [التوبة : 4] والآيات أكثر من أن تُذكر وأشهر من أن تُحصر , فالعاقل يحرص على أن يبادر إلى هذه الأعمال والأوصاف لكي يفوز بحب الله تعالى له.
8- تفريج الكربات والأزمات, ويا ترى كم هي الكربات والأزمات التي تنزل بنا في هذه الحياة ؟ . ألسنا بحاجة إلى وسيلة تخفف عنا هذه المصائب ؟ نعم .
إن الحسنات والصالحات التي حفظها الله لك ستنفعك عند ورود المصائب, قال تعالى : (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا )) [الطلاق : 2] وقال جل وعلا: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً )) [الطلاق : 4] وفي الحديث الصحيح : ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) . رواه أحمد وهو في صحيح الجامع (7985) .
ولهذا كلما زادت التقوى في حياتنا كلما فُزنا بالعون الإلهي في أزمات هذه الحياة .
9- توسيع أبواب الرزق , قال تبارك وتعالى : ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))[الطلاق: 2- 3].
10- استجابة الدعاء, وهذه من الكرامات التي يمنحها الله تعالى لأصحاب الحسنات والقربات , وقد جاءت هذه الكرامة صريحة في الحديث القدسي المشهور : ( و ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها و لإن سألني لأعطينه و لإن استعاذني لأعيذنه ) رواه البخاري .
وهذه الاستجابة الربانية لأولئك الصالحين والعابدين إنما كانت بسبب مداومتهم على الحسنات وملازمتهم لها كما في ظاهر الحديث " وما يزال " التي تفيد الاستمرار والمداومة .
11- السلامة من وصف الخسران , قال تعالى : (( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )) [العصر :1- 3].
فهنا نجد أن الله وصف الإنسان بالخسارة إلا على من جاء بالإيمان والعمل الصالح , فهو سالم من الوصف بالخسارة .
12- الفوز بولاية الله ونصرته وتأييده , قال جل وعلى : (( وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ )) [آل عمران : 68] والمراد أن الله ينصرهم , قاله القرطبي رحمه الله تعالى.
قال العلماء : على قدر إيمانك وحسناتك تكون ولاية الله لك وعلى قدر ما ينقص من إيمانك تنقص ولاية الله لك.
13- تكفير السيئات , وقد جاءت النصوص ببيان تكفير الحسنات للسيئات ومحوها له , قال جل وعلا : (( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ )) [التغابن : 9] (( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ )) [المائدة : 9] وقال سبحانه وبحمده: (( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ )) [هود : 114] وفي الحديث الصحيح : ( واتبع السيئة الحسنة تمحها ). [ صحيح الجامع: 98] .
فيا من أزعجته الذنوب وآلمته السيئات انطلق إلى أبواب الحسنات لكي تمحو سيئاتك.
14- حسن الخاتمة , قال تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ )) [فصلت : 30].