عقد البيع في القانون المدني الجزائري
المبحــــــــث الأول : خصــــــائص عقــــــد البيــــــــع .
المطلـــــــب الأول : تعريـــف عقــــد البيـــع .
يعرف
المشرع الجزائري عقد البيع في المادة 351 " هو عقد يلتزم بمقتضاه البائع
بان ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي " ويقابله
المشرع المصري في المادة 418 " عقد يلتزم به البائع بان ينقل للمشتري ملكية
شيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي " ، أما التعريفات الفقهية فهي
كثيرة في هذا الصدد إذ يعرفه الفقيه الصنهوري بأنه عقد ملزم لجانبين إذ هو
يلزم البائع بان ينقل ملكية الشيء للمشتري أو حقا ماليا آخر ويلزم المشتري
بان يدفع لبائع مقابلا لذلك ثمنا نقديا ويعرفه أيضا إسماعيل غانم بأنه "
عقد يقصد به طرفاه أن يلتزم احدهما وهو البائع بان ينقل الملكية شيء أو حقا
ماليا آخر في مقابل التزام الطرف الثاني وهو المشتري بثمن نقدي ".
والبيع
لغة : مقابلة الشيء بشيء وقد ثبتت مشروعية البيع في القرآن الكريم والسنة
المحمدية والإجماع ففي الكتاب العزيز ورد قوله تعالى في صورة البقرة 275 "
... واحل الله البيع ..." و 282 " ... واشهدوا إذا بايعتم ... " ، وفي
السنة النبوية جاءت أحاديث كثيرة منها ما سئل النبي عن أي الكسب طيب فقال
صلى الله عليه وسلم " عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور أي لا غش فيه ولا خيانة
" كما أجاز العلماء البيع لحاجة الناس إليه في كل العصور والحكمة تقضيه
لتامين حوائج الناس على التبادل مع الآخرين .
أما فقهاء الشريعة
الإسلامية فعرفوا البيع بأنه "مبادلة مال بمال " فهم لا يفرقون بين البيع
والمقايضة لان البيع عندهم أما أن يكون بيع العين بالنقد وهو البيع المطلق
أو بيع العين بالعين وهو المقايضة أو بيع النقد بالنقد وهو الصرف ، وظاهر
من ذلك أن تعريف الشريعة الإسلامية يفيد أن البيع ينقل الملكية بذاته ولا
يقتصر على إنشاء التزام بنقل الملكية أو التزام بتسليم المبيع ..
بعد
سرد مختلف التعاريف التي أتت بها مختلف التشريعات ورغم الانتقادات الموجهة
إليها ننتهي بالقول إلى وجود خصائص يتميز بها عقد البيع غن غيره من العقود .
المطلب الثاني : خصـــــــائص عقد البيـــــــع .
الخاصية الأولى لعقد البيع اتجاه الإرادتين إلى إنشاء التزام بنقل الملكية أو الحق المالي : لا
يقتصر البيع على حق الملكية بل يرد كذلك على سائر حقوق الذمة المالية
العينية والشخصية والذهنية على السواء . غير أن بعض أحكامه تختلف باختلاف
طبيعة الحق المبيع. مثال : فيجوز لصاحب حق الانتفاع أن يبيع حقه. نقل
الحقوق الشخصية يكون بحوالة حق لكن ذلك لا يمنع من أن يكون بيع إذا تمت
بمقابل نقدي فيطبق عليها قواعده .غير أن الصورة الغالبة لعقد البيع هي انه
يرد على الملكية .
اثر البيع في نقل الملكية :
في
القانون الروماني لم يكن يترتب على البيع نقل الملكية إلا إذا اتفق صراحة
على ذلك ، ورث منه القانون الفرنسي فظل البيع لا ينشئ التزاما بنقل الملكية
وظلت لا تنتقل إلا بإجراء لاحق هو التسليم، ثم أصبح ينص في العقد على حصول
التسليم والتسلم . وبعد ذلك أصبح عقد البيع ناقلا للملكية فيما عدا
الأشياء غير المعينة بالذات فلا تنتقل الملكية إلا بتعيينها وبيع الأشياء
المستقبلية إلا عند وجودها.
والشريعة الإسلامية قررت من أكثر من ثلاثة عشر قرنا أن البيع ناقل للملكية بحكم العقد.
ومنه
انتقال الملكية لمجرد العقد في القانون الفرنسي ينطبق على بيع المنقول
والعقار على السواء ، أما في القانون المصري والجزائري في المادة 793 مدني
جزائري فان إجراء التسجيل ضروري لنقل الملكية في البيوع العقارية ويكون
البيع ناقلا للملكية في البيوع المنقولة المعينة بالذات .
التمييز بين البيع وغيره من التصرفات على أساس خاصيته الأولى :
على
أساس هذه الخاصية نميز بين البيع وبين العقود التي ترد على الانتفاع
بالشيء كالإيجار، والعقود التي ترد على العمل كالمقاولة والوكالة، والعقود
التي ترد على الشيء لتخصيصه ضمانا للوفاء كالرهن .
البيع والإيجار :
بيع
الثمار والحاصلات : حالة العقد الذي يكون فيه الحق لأحد الطرفين للحصول
على ما ينتجه الشيء المملوك له من ثمار أو حاصلات في مقابل مبلغ من النقود .
هل يعتبر العقد بيعا لهذه الثمار والحاصلات أو إيجارا ؟ .
نفرق بين
الثمار والحاصلات : الثمار هي ما يتولد عن الشيء في مواعيد دورية دون
المساس بجوهر الشيء الأصلي الحاصلات ليس لها صفة الدورية ويترتب على فصلها
اقتطاع من جوهر الشيء الأصلي إذا كان الإيجار يلزم المستأجر بان يرد الشيء
المؤجر بحالته التي تسلمه بها المادة 503 مدني جزائري فان العقود التي يكون
محلها استخراج الحاصلات تعتبر بيعا .
البيع الايجاري : هو العقد الذي
يريد فيه المتعاقدان الإيجار والبيع معا ، فهو إيجار إلى أن يتم الوفاء
بالثمن كاملا وبيع حين يتم الوفاء ، ولكن يلاحظ انه من غير المنطقي أن يوصف
عقد واحد في نفس الوقت بأنه بيع وإيجار معا لان طبيعة كل من هذين العقدين
تختلف عن الأخرى وإذا اعتبرناه بيعا بالتقسيط معلقا على شرط واقف هو الوفاء
بكافة الأقساط فأين هي الأجرة في عقد الإيجار ؟ و إذا اعتبرناه إيجارا
معلقا على شرط فاسخ هو الوفاء بالأجرة فأين هو الثمن في عقد البيع ؟ إذن لا
مناص من إعطائه
احد الوصفين فقط لذلك نص المشرع الجزائري على اعتبار
العقد في هذه الحالة شرط واقف معلقا على شرط واقف وجعل انتقال الملكية
معلقا على دفع الأقساط فنجد المادة 363 مدني جزائري بعد أن بينت في فقراتها
الثلاثة الأولى حكم البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية نصت في فقرتها الرابعة
" تسري أحكام الفقرات الثلاثة السابقة حتى ولو أعطى المتعاقدان أن للبيع
صفة الإيجار "، فالبيع الايجاري إذن بيع فحسب .و يلاحظ الفرق بين البيع
الايجاري الذي هو عقد والذي اعتبره المشرع بيعا فحسب ،وبين الإيجار المقترن
بالوعد بالبيع الذي يتضمن عقدين كل منهما مستقل عن الآخر عقد إيجار والوعد
بالبيع.
البيع والمقاولة : المقاولة عقد يلتزم
بمقتضاه احد المتعاقدين بان يؤدي عملا لقاء اجر يتعهد به المتعاقد الآخر ،
المادة 549 مدني جزائري ، ومنه فان ما يقدمه المقاول من أشياء ثانوية
كمواد وأدوات البناء على غرار أصل الشيء (العقار) فنكون هنا بصدد عقد
إيجار، أما إن كان جوهر الشيء مع الأشياء الثانوية تابعة للمقاول فنكون هنا
أمام عقد بيع . ويسمى عقد المقاولة في الفقه الإسلامي بعقد الاستصناع .
البيع
والوكالة: الوكالة أو الإنابة هي عقد يفوض شخص شخصا آخر للقيام بعمل شي ء
لحساب الموكل وباسمه المادة 571 مدني جزائري، وهذه هي الوكالة النيابية.
وقد
يتعهد الوكيل بان يقوم بالعمل القانوني باسمه هو لحساب الموكل على أن يقوم
بعد ذلك بنقل ما اكتسب من حقوق إلى الموكل الذي ابرم العمل القانوني
لحسابه وهذه هي الوكالة غير النيابية ، إذ أن من شروط النيابة أن يعقد
النائب العقد باسم الأصيل المادتان 73 و 74 من القانون المدني الجزائري .
ولكن
يثور البحث إذا لم يكن قصد العاقدين واضحا، كان يسلم تاجر الجملة البضاعة
إلى تاجر التجزئة ليبيعها إلى عملائه ويحاسب تاجر الجملة بعد ذلك في مقابل
عمولة معينة فنكون إزاء وكالة بالعمولة. و قد يتفق الطرفان على بيع السلعة
ونقل ملكيتها إلى تاجر التجزئة الذي يكون له الحق في أن يتصرف فيها هو
لحسابه وبأي ثمن فنكون إزاء عقد بيع.
البيع والرهن: عقد الرهن تامين
عيني لضمان حق الدائن بتخصيص الشيء المرهون للوفاء بحقه .المدة 882 مدني
جزائري رهن رسمي المادة 948 مدني جزائري رهن حيازي.
ولا يختلط الرهن
بالبيع العادي ، غير انه قد يتفق في البيع أن يكون للبائع في خلال مدة
معينة حق الاسترداد العين المباعة في مقابل رد الثمن الذي دفعه المشتري
مضافا إليه المصروفات ، ويسمى هذا العقد بيع الوفاء أو البيع الوفائي ، أما
الرهن ففيه يحتفظ الراهن بملكية الشيء المرهون ، ويقع باطلا كل اتفاق يجعل
للدائن حق تملك الشيء المرهون عند عدم استيفاء حقه وقت حلول اجل الاستحقاق
ا وان يبيعه دون إتباع الإجراءات التي فرضها القانون المادتان 903 و 960
مدني جزائري.
البيع والوديعة : من اليسير عادة
التفريق بين الوديعة والبيع لان الوديعة كما تقول المادة 590 مدني جزائري "
الوديعة عقد يسلم بمقتضاه المودع شيئا منقولا إلى المودع لديه على أن
يحافظ عليه لمدة وعلى أن يرده عينا ".
الهبة المستورة في صورة بيع :
قد ترد الهبة مستورة في صورة بيع ، وفي هذه الحالة يكون العقد الظاهر هو
البيع وهو ما لم يقصده الطرفان . أما العقد المستتر وهو المقصود من الطرفين
فهو الهبة . وتسرى على هذا التصرف أحكام الصورية سواء بالنسبة للعاقدين أو
بالنسبة للغير .
ولكي تصح الهبة المستورة يلزم أن تتوافر شروط الهبة
ذاتها من حيث الوجود والصحة ما عدا شرط الشكل ، فلا يشترط أن تتم الهبة في
الشكل الذي يستلزمه القانون ، كما يلزم فضلا عن ذلك أن تتوافر شروط العقد
الساتر لها وهو البيع ما عدا السبب إذ العبرة في الهبة المستورة بسبب الهبة
ذاتها كما يجب أن يكون للعقد الظاهر مظهر البيع فعلا بحيث لا يكشف عن
العقد المستتر ولهذا يجب ذكر الثمن. فإذا ذكر الثمن ثم ذكر بعده مباشرة أن
البائع قد وهب
البيع والصلح : نصت المادة 459 مدني جزائري على أن "
الصلح عقد ينهي به الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان به نزاعا محتملا وذلك
بان يتنازل كل منهما على وجه التبادل عن حقه " . وقد يشبه الصلح البيع إذا
نزل احد الطرفين عن حقه أو عن بعض حقه للآخر بمبلغ نقدي معين خارج عن موضوع
النزاع ويسمى هذا ببدل الصلح ويجوز أن يكون بدل الصلح شيئا آخر غير النقود
فيكون العقد مقايضة وقد يتنازل احد الطرفين بدون مقابل فيكون العقد هبة
مستورة بالصلح .
المطلــــــب الثــــــاني : المقـــــابل النقـــــدي .
أي
اتجاه إرادة الطرفين إلى أن يكون نقل الحق في مقابل ثمن نقدي يلتزم به
المشتري . فالبيع من عقود المعاوضة لا فيه من مقابل وبذلك يختلف عن الهبة ،
ويجب أن يكون هذا المقابل مبلغا من النقود ويسمى الثمن وبذلك يختلف عن
المقايضة .كذلك يجب أن يكون الثمن جديا لا صوريا ولا تافها ولا بخسا .
البيع والهبة : تعرف
في الشريعة الإسلامية بأنها تمليك المال في الحال مجانا وركنا الهبة
الإيجاب من الواهب والقبول من الموهوب له والهبة التي يفرض فيها الواهب على
الموهوب له القيام بالتزام معين تسمى هبة بعوض إذا كان العوض مساويا في
القيمة للمال الموهوب فهذا عقد بيع لانتفاء نية التبرع وإذا كان العوض اقل
من المال الموهوب في القيمة فهذا عقد هبة بعوض وهنا أيضا تنتفي نية التبرع
وفي حالة الثمن البخص العقد لا هبة .
البيع والمقايضة :
نصت المادة 413 مدني جزائري على أن المقايضة عقد يلتزم به كل من
المتعاقدين أن ينقل إلى الآخر على سبيل التبادل ملكية مال غير النقود
والفرق الجوهري بين البيع والمقايضة ينحصر في طبيعة المقابل فهو في البيع
ثمن نقدي وفي المقايضة مال ليس من النقود وذا كان مجزئ بين النقود ومال آخر
ليس من النقود فانه بيع إذا غلب العنصر الأول ومقايضة إذا غلب العنصر
الثاني .
البيع عقد يتم بين الأحياء في مقابل ثمن نقدي أما الوصية فإنها تصرف بالإرادة المنفردة مضافة إلى ما بعد الموت وتتم بدون مقابل .
المبحــــــث الثــــــاني : أركــــان عقـــد البيــــع وشــــروط صحـــة كـــل ركــــن .
المطلـــــــب الأول : التــــــراضي .
البيع عقد رضائي في القانون المصري والفرنسي يتم بمجرد التراضي دون حاجة إلى إتباع شكلية ما سواء كان محل منقولا أو عقارا .
أما في القانون الجزائري فهو أيضا عقد رضائي إذا كان محله منقولا ولكنه عقد شكلي إذا كان محله عقارا استنادا إلى ما يأتي :
المادة
14 من قانون السجل التجاري والتي تقضي بوجوب الإشارة إلى جميع العقود
الرسمية المنشئة أو الناقلة للملكية وكذلك العقود والقرارات القضائية
اللاحقة للإجراء الأول الذي كان موضوع تأسيس البطاقات العقارية وذلك من اجل
إنشاء مجموعة البطاقات العقارية.
كما أن الرسمية تضع بين يدي المشتري والبائع سندا قابلا للتنفيذ ولإجراء الشهر بموجبه دون الحاجة إلى حكم لتنفيذه .
وندرس
فيما يلي بعض صور التراضي في عقد البيع وهي الوعد بالبيع والشراء ، ثم
البيوع الموصوفة الأخرى وهي البيع بالعربون والبيع مع الاحتفاظ بحق العدول
والبيع بشرط التجربة والبيع بالعينة .
الوعد بالبيع والشراء : نص
المشرع على إحكام الوعد بالعقد بصفة عامة في المادتين 71 و 72 من القانون
المدني الجزائري . وتنطبق هذه القواعد بغير خلاف على عقد البيع ، فلا ينعقد
الوعد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للبيع المراد إبرامه بان يكون
الشيء الموعود بيعه معينا أو قابلا للتعيين وان يحدد الثمن أو يتفق على أسس
تحديده ، وان يتضمن الوعد تحديدا للمدة التي يراد إبرام البيع فيها والتي
يتعين على الموعود له أن يبدي رغبته في خلالها . ولا ينعقد البيع إلا عند
إبداء الموعود له رغبته في
إبرامه وليس لإظهار الرغبة اثر رجعي إذ لسنا بصدد بيع معلق على شرط واقف وإنما الوعد بالبيع عقد مستقل سابق على البيع .
ويجب
أن تتوافر في البائع أهلية البيع أن كان قد واعد بالبيع أو أهلية الشراء
أن كان قد وعد بالشراء وذلك وقت انعقاد الوعد وإذا أبدى الموعود له رغبته
انعقد البيع دون حاجة إلى تعبير جديد عن الإرادة من جانب الواعد .
وقد
يكون الوعد من جانب واحد كالوعد بالبيع فقط أو الوعد بالشراء فقط ، فيلتزم
به طرف واحد ، فهنا يكون الوعد عقدا ملزما لجانب واحد .
حكم الوعد بالبيع : ويتضمن
الوعد بالبيع التزاما على الواعد بالامتناع عن التصرف في الشيء طوال فترة
المهلة التي يحق للموعود له إبداء رغبته فيها فإذا تصرف في الشيء في تلك
الفترة كان مسئولا عن تعويض الموعود له عما أصابه من ضرر . لكن هل يستطيع
الموعود له أن يطالب ببطلان تصرف الواعد للغير؟ سارة القضاء الفرنسي على أن
له أن يطالب ببطلان التصرف للغير إذا كان هذا الغير سيء النية أي كان يعلم
بان الشيء موعود ببيعه على أساس أن التصرف ينطوي على غش ولكن هذا التحليل
غير سديد فالغش إنما يكون سببا للبطلان فيما بين العاقدين .
كذلك قيل
بان للموعود له بان يطالب بالبطلان على أساس آخر هو الدعوى البولصية
فيرفعها بوصفه دائنا للموعود له طالبا عدم نفاذ تصرفه في حقه متى كان تصرفه
بسوء نية وكان الغير سيء النية أيضا أي كان كل منهما يعلم بان هذا التصرف
سوف يترتب عليه إعسار المتصرف أو زيادة إعساره.
الوعد بالتفضيل :
هو صورة خاصة من صور الوعد بالبيع وفيه يتعهد الواعد بتفضيل الموعود له
على غيره إذا ما عرض الشيء للبيع في خلال مدة معينة وهذا وعد معلق على شرط
واقف هو أن يعرض الواعد الشيء للبيع.
بيع المذاق : نصت
عليه المادة 354 مدني جزائري ، ويتضح من هذا النص أن العقد الذي يوصف انه
بيع بشرط المذاق ليس بيعا في الحقيقة وإنما هو مجرد وعد بالبيع . فالواعد
يعد الطرف الآخر بان يبيع إذا ما ذاق الموعود له الشيء ثم أبدى رغبته في
شراءه وعلى الواعد تمكين الموعود له من المذاق وللموعود له الالتجاء في
سبيل ذلك إلى الغرامة التهديدية ، وقد يكون الوعد ملزما للجانبين أي أن
الوعد في هذه الحالة يكون متضمنا بجانب الوعد بالبيع وعدا بالشراء على أن
هذا الأخير يكون معلقا على شرط واقف هو ملائمة الشيء للغرض المقصود منه .
وثمة فارق آخر بين الوعد بالتفضيل والوعد العادي بالبيع هو انه لا يعتبر
الواعد في الوعد بالتفضيل مخلا بالتزاماته إلا إذا باع لشخص آخر فيكون له
أن يبرم مع الغير ما شاء من تصرفات عدا البيع إذ أن الوعد بالتفضيل يقتصر
على التزام الواعد بتفضيل الموعود له بالبيع فحسب . وحكم البيع بالمذاق
وفيه لا ينعقد البيع إلا من الوقت الذي يتم فيه إعلان المشتري قبول البيع .
الوعد بالبيع العقاري :
عقد الوعد بالبيع العقاري يجب أن يكون هو أيضا في ورقة رسمية شانه في ذلك
شان عقد البيع العقاري ، وإذا تم الوعد في الشكل الرسمي أمام الموثق نشا في
ذمة الواعد التزام بإتمام عقد البيع الرسمي فإذا لم يفعل استحصل الموعود
له على حكم ويقوم هذا الحكم متى حاز قوة الشيء المقضي مقام العقد وهذا ما
نصت عليه المادة 72 مدني جزائري . ولكنه يتحول إلى تعهد ملزم يمكن بموجبه
الحكم بتعويض على الواعد .
أما عقد الوعد الباطل لخلل في الشكل كان يتم في ورقة عرفية مثلا فانه لا يكون وعدا صحيحا بالبيع .
أوصاف البيع :
البيع بالعربون : والبيع مع الاحتفاظ بحق العدول لم ينص عليهما القانون المدني الجزائري .
في
البيع مع الاحتفاظ بحق العدول يتفق المتعاقدان على إدراج شرط في العقد
يجعل لأحدهما أو كليهما الحق في العدول بحيث يصبح العقد كان لم يكن أي انه
لا يترتب عليه وقف تنفيذ الالتزامات ولا إنهاء العقد بالنسبة للمستقبل بل
يمتد أثره إلى الماضي فينهار العقد بأثر رجعي ، ولخطورة هذا الوضع فان حق
العدول لا يعطى إلا لمدة قصيرة تنتهي قبل البدء في تنفيذ الالتزامات ،
وبعدها يصبح العقد نهائيا .
والعربون هو مبلغ من المال يدفعه احد
المتعاقدين عند التعاقد فإذا لم ينفذ العقد فقد مبلغ العربون وإذا كان عدم
التنفيذ من الطرف الآخر رد العربون ومثله لمن دفعه .
البيع بشرط التجربة :
هو البيع الذي يتفق فيه على أن للمشتري حق تجربة المبيع ولا يشترط أن يكون
هذا الاتفاق صريحا بل قد يكون ضمنيا من ذلك ما جرت عليه العادة فيه على
التجربة بالنسبة لبعض الأشياء كالملابس الجاهزة وقد بينت المادة 355/1 مدني
جزائري أحكام البيع بشرط التجربة فنصت على انه " في البيع على شرط التجربة
يجوز للمشتري أن يقبل المبيع أو يرفضه وعلى البائع أن يمكنه من التجربة
فإذا رفض المشتري المبيع يجب عليه أن يعلن الرفض في المدة المتفق عليها فان
لم يكن هناك اتفاق على المدة ففي مدة معقولة يعينها البائع فإذا انقضت هذه
المدة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولا "، ونصت
الفقرة الثانية من المادة 355 مدني جزائري على أن يعتبر البيع على شرط
التجربة بيعا موقوفا على شرط القبول إلا إذا تبين من الاتفاق أو الظروف أن
البيع معلق على شرط فاسخ . كما انه من غير المقبول أن يكيف بيع التجربة
بأنه بيع معلق على شرط واقف إذ مادام للمشتري حرية القبول والرفض ،
والقاعدة هي أن الالتزام المعلق على شرط إرادي بحت باطل .
البيـــع بالعينـــــة : نصت
عليه المادة 353 مدني جزائري ، وفي البيع بالعينة يقوم البائع بتقديم عينة
للمشتري ويتفق معه على أن يقدم له بضاعة مطابقة لهذه العينة وهنا يتم
البيع ويعتبر تعيين العينة تعيينا للشيء المبيع من حيث جنسه ونوعه ودرجته
وجودته ، فرؤية المشتري للعينة تغني عن رؤيته للشيء المبيع.ويمكن القول
بأنه عقد بيع معلق على شرط فاسخ هو عدم مطابقة المبيع للعينة وإذا سلم
البائع بضاعة مطابقة للعينة تماما التزم المشتري بقبول المبيع وليس له أن
يرفضه بحجة انه غير مطابق لرغبته الشخصية أما إذا كانت البضاعة غير مطابقة
للعينة فلا يلزم المشتري بتنفيذ العقد ولو كانت من نوع أكثر جود أو اقل
جودة فهنا للمشتري الخيار بين ثلاثة أمور :
1.أن يطالب بفسخ العقد وتحميل البائع التعويض .
2.أن يطالب بإلزام البائع بتقديم بضاعة مطابقة للعينة .
3.وللقاضي
أن يلزم البائع بذلك وإذا اقتضى الأمر يلزمه بان يشتريها من السوق ،
وللقاضي أيضا أن يأذن للمشتري بشراء البضاعة من السوق على حساب البائع
بمعنى أن يلزم البائع بدفع الفرق في الثمن .
المطلـــــــب الثانـــــــي : المحــــــل في عقـــــد البيـــــع .
محل
أي عقد هو العملية القانونية ، أي أنها يصبا الشيء المتفق على نقل ملكيته
في قالب قانوني أي الالتزامات التي يراد إنشائها سواء التزام البائع بنقل
الملكية والتزام المشتري بدفع الثمن
شروط محل التزام البائع:
بصفة
عامة شروط المحل أربع إن يكون مشروعا غير مخالف للنظام العام والآداب ،أن
يكون ممكنا غير مستحيل استحالة مطلقة وان يكون معينا بذاته أو بنوعه أو
قابلا للتعين وان يعلم المشتري بالمبيع علما كافيا .
أولا : شرط مشروعية المحل : نصت عليه المادة 93 مدني جزائري هنا نميز بين حالتين :
أن
لا يكون محل الالتزام مخالفا للنظام العام والآداب العامة أي غير جائز
التعامل فيه كالمواد المخدرة ومنه بطلان العقد بطلانا مطلقا.
أن لا يكون محل الالتزام محملا بشرط عدم التصرف فيه لمدة معينة ولغرض مشروع ( شرط المنع من التصرف ) . لم ينص عليه المشرع الجزائري .
ثانيا : شرط الإمكان : إذا
كان المحل مستحيل التعامل فيه استحالة مطلقة ولو أن الشيء موجود أو قابل
للوجود . مثال المبيع ملك للمشتري المادة 93 مدني جزائري.
انتقاص من
أهلية الوجوب لدى المشتري مثال ذلك منع عمال القضاء والمحامين من شراء
الحقوق المتنازع عليها المادة 402/403 مدني جزائري.
وجود الشيء أو قابليته للوجود : يختلف باختلاف قصد العاقدين :
حالة 1 : أن
يكون قصد المتعادين في أن الشيء المبيع موجود فعلا وقت التعاقد فإذا تبين
انه غير موجود وقت التعاقد كان العقد باطلا بطلانا مطلقا ولو أمكن وجوده في
المستقبل .
وإذا تحقق وجود الشيء وقت التعاقد ثم هلك لا يترتب عليه بطلان لان الالتزام قد نشا ولكن يترتب عليه الفسخ .
حالة 2 :
يكون قصد المتعاقدين على أن الشيء المبيع يكون مستقبلي أو قابل للوجود أي
تنقل الملكية عند وجوده ومنه فان التزام البائع يكون ممكنا بنص المادة 92/1
مدني جزائري تقابلها المادة 131/1 مدني مصري (يجوز أن يكون محل الالتزام
شيئا مستقبلا)ومحققا جاءت المادة باستثناء وهو التعامل في تركة إنسان على
قيد الحياة المادة 92/2 مدني جزائري.
يلاحظ أن القانون الوضعي يخالف الشريعة الإسلامية على أن هذه الأخيرة حكمت بالبطلان على الأشياء المستقبلية .
شرط أن لا يكون المشتري ممنوعا من اكتساب الحق المبيع (انتقاص الأهلية).
هي
انتقاص صلاحية الشخص لوجوب الحقوق له أو عليه . مثال ذلك ما نصت عليه
المادة 402 التي تقابلها المادة 471 مدني مصري والتي تمنع عمال القضاء
والمحامين من شراء الحقوق المتنازع عليها و المادة 403 التي تقابلها المادة
472 مدني مصري التي تمنع المحامين من التعامل مع موكليهم في الحقوق
المتنازع فيها .
منع عمال القضاء والمحامين من شراء الحقوق المتنازع فيها المادة 402
الحكمة
من هذا المنع هي إبعاد رجال القضاء والمحاماة عن مواطن الشبهات لذلك نص
المشرع على عدم صلاحيتهم لاكتساب الحقوق المتنازع فيها بطريق الشراء . حيث
عددت المادة 402 الأشخاص الممنوعين من الشراء على سبيل الحصر ، ويشترط لهذا
المنع أن تثبت لهم هذه الصفة وقت الشراء (قبل تعيينه أو بعد اعتزاله فهنا
شراءه صحيح) وان يكون الحق المتنازع فيه من اختصاص المحكمة التي يباشر فيها
عمله . بالإضافة إلى انه إذا مستشارا بالمجلس الأعلى امتنع عليه شراء أي
حق من الحقوق المتنازع عليها في أنحاء الجمهورية نظرا لامتداد اختصاصه .
إذا
كان مستشارا بالمجلس القضائي لولاية معينة يمنع عليه الشراء حتى ولو كان
النزاع مما لا يجوز استئنافه لكن يجوز له شراء الحقوق التي يكون نظر النزاع
فيها من اختصاص أي مجلس قضائي أخر.
والعبرة هنا هي بالاختصاص
أما
عن المحامين فان لهم حق المرافعة أمام جميع المحاكم حسب درجة القبول
أمامها ومنه فانه يمتنع عن شراء أي حق من الحقوق المتنازع فيها في جميع
أنحاء الدولة وهذا تضييق على المحامين .
منع المحامي من التعامل مع موكله في الحق المتنازع فيه .المادة 403
يلاحظ على نص المادة ما يلي :
غير قاصر على البيع فهو أوسع نطاقا من المادة 402
ناحية أخرى قاصر على التعامل مع موكله في الحق المتنازع فيه والذي يتولى الدفاع عنه فهو أضيق نطاق من المادة 402
ثالثا : شرط التعين أو القابلية للتعيين .
نصت عليه المادة 94 مدني جزائري ويترتب على تخلف شرط التعيين بان كان المبيع غير معين أو غير قبل للتعيين بطلان العقد بطلانا مطلقا .
-هناك طرق للتعيين ومن بينها تعيين المبيع على أساس العينة يتفق على أن يكون المبيع مطابقا لها .نص المادة 353/1
غير
أن المشرع لم يكتفي بما تقضي به القواعد العامة في شان تعيين المبيع وإنما
أضاف شرطا آخر في البيع نص عليه في المادة 352/1 ألا وهو شرط العلم
المشتري بالمبيع علما كافيا . ويترتب على هذا التخلف أن يكون قابلا للإبطال
لمصلحة المشتري بعكس شرط التعيين فانه هذا تخاف يترتب عليه بطلان العقد
بطلانا مطلقا .
رابعا : شرط علم المشتري بالبيع علما كافيا .
نصت
عليه المادة 352م ج ويعتبر كذلك حق المشتري في طلب الإبطال ، إذا ذكر في
عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع سقط حقه في الإبطال إلا إذا اثبت غش
البائع م 352/2 مدني جزائري .
- والتقدم المسقط قد يسقط حق المشتري في إبطال العقد المادة 101 مدني جزائري .
- إذا لحق بالشيء المبيع تلف وهو في يد المشتري فلا يجوز له إبطال العقد
- تنازل المشتري عن حقه في طلب الإبطال (صريح أو ضمني ) نص المادة 100 مدني جزائري.
الفرق بين العلم الكافي بالمبيع وبين تعيين المبيع أو قابليته للتعيين
- شرط التعيين يكفي فيه ما يميزه عن غيره أما شرط العلم فهو ذكر أوصافه الأساسية
- تخلف شرط التعيين يترتب عليه بطلانا العقد بطلانا مطلقا
شرط محل التزام المشتري (الثمن النقدي)
الثمن يجب أن يكون نقودا (حالا مؤجلا مسقطا أو مدى الحياة) نص المادة 281مدني جزائري
-شرطا المشروعية والإمكان متوفران في الثمن لان دفع النقود ممكن ومشروع
-أما شرط التعيين فهو تقدير الثمن وتحديده
تقدير الثمن
لهما الحرية في تقدير الثمن سواء فيما يتعلق بنوع النقود ومقدارها وقد يكون تقدير الثمن غير ممكن (البيوع الجبرية نزع الملكية)
أن يكون الثمن مبلغا من النقود :
يجب
أن لا يقدم ذهبا أو ما يعادل الذهب لانعدام النقد حتى ولو كان لهذا الذهب
سعر نقدي معرف في البورصة لان العبرة بالنقد وقت العقد
أن يكون الثمن مقدرا أو قابلا للتقدير :
يجب
أن يتفق الطرفان في عقد البيع على الثمن أي يعينانه تعيينا دقيقا لا يدع
مجالا للمنازعة في مقداره مستقبلا .وقد يكون الثمن محددا بموجب تشريعات
خاصة ويكفي أن يكون قابلا للتقدير باتفاق المتعاقدين صراحة أو ضمنا على
الأسس التي يحدد بمقتضاها
أساس1
أ- سعر السوق : هنا الثمن غير مقدر ولكن قابل للتقدير وفقا لسعر السوق في تاريخ معين 356/2
أساس2
ب- تحديد الثمن بواسطة أجنبي عن العقد : يجوز للمتعاقدين أن يتركا تحديد الثمن لشخص أجنبي عن العقد يفوضا له ذلك كالقاضي مثلا
أن يكون الثمن حقيقيا
يجب أن يكون الثمن مناسبا مع قيمة المبيع لكن قد يزيد الثمن أو ينقص ولا يعتد القانون بهذا الاختلاف إلا في حالتين
- حالة استغلال احد المتعاقدين لما في المتعاقد الآخر من نقص كالطيش مثلا المادة 90م ج
- حالة الغبن في بيع العقار المملوك لغير كامل الأهلية أو لنقصها
يجب أن لا يكون البيع حاصلا بالمزاد العلني لأنه يسقط حق المطالبة بالغبن
أساس 3
جـ- السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي عليه التعامل بينهما :
فهنا
المشروع يوضح بأنه الثمن معين تعيينا ضمنيا وهذا ما يستنتج من الجملة
الأولى من المادة 357 (إذا لم يحدد المتعاقدان ثمن البيع )
فهنا العبرة بالسعر المتداول بين الطرفين أو المتداول في السواق المحلية
اساس4
د- الثمن الذي اشترى به البائع المبيع كالمرابحة والتولية والوضعية
المطلـــــب الثالـــــث : السبــــــب.
إن
السبب في عقد البيع هو نفسه السبب في الالتزام فهو ركن لا غنى عنه لنشوء
الالتزام العقدي وتظهر أهمية نظرية السبب والنص عليها في القانون عند
الاتفاق على إنتاج اثر قانوني مخالف للقانون وللنظام العام والآداب العامة .
وبالرغم
من عدم تعريف القانون المدني الجزائري وكذا القانون المدني الفرنسي للسبب
فقد عمل القضاء سواء في الجزائر أو في فرنسا على إبطال العديد من العقود
لعدم وجود السبب أو عدم مشروعيته وهذا تطبيقا للمادة 97 من القانون المدني
الجزائري " إذا التزم المتعاقد لسبب غير مشروع أو لسبب مخالف للنظام العام
أو الآداب كان العقد باطلا " وهناك اختلاف فقهي حول تعريف السبب لعدم وجود
نص ، فأنصار النظرية التقليدية التي يتزعمها "دوما" فهذه النظرية تدرس
السبب في ثلاثة أنواع من العقود :
العقود التبادلية ، العقود العينية الملزمة لجانب واحد وعقود التبرع.
فما
دام عقد البيع هو من العقود التبادلية أي المعاوضة فسبب التزام كل متعاقد
هو التزام المتعاقد الآخر ، مثلا التزام البائع بتسليم المبيع هو التزام
المشتري بدفع الثمن .
الشروط الواجب توافرها في السبب حسب أنصار هذه
النظرية صحته و مشروعيته ، أما النظرية الحديثة في السبب فترى أن السبب
العقد أمر ذاتي خارج عن نطاق العقد ويختلف باختلاف شخص المتعاقد والهدف أو
الغرض المباشر منه هو الجواب على التزام مدني . ويقول البعض أن الباعث على
التعاقد هو الدافع على التعاقد الذي ليس سببا للالتزام ، ومثال ذلك أن
البائع منزل يكون سبب التزامه تبعا للنظرية التقليدية هو استلام ثمن المنزل
من النقود ولكن الباعث لديه الذي استبعد في النظرية التقليدية قد يكون اخذ
النقود ليمارس بها عملا تجاريا أو يقامر أو يتبرع بها وهذا هو الباعث الذي
يتغير من شخص لآخر .