رمضان راحـــــل ولعلنا نرحل قبل رحيله ؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين
أمابعد
إن الإحتفاء بالضيف والفرح بقدومه والقيام على خدمته من شيم النبلاء من أهل الكرم والإنفاق
وهو معدود في خصال مكارم الأخلاق ,وعلى قدر محبة الضيف يكون الإحتفاء فكيف إذا كان الضيف من جنس آخر
وفضله علينا ظاهر ,وهو الزمان الذي خلقه الله وقد جعله سبحانه وتعالى مباركا وسببا لدخول الجنات و نيل الدرجات
والخلاص من الأثام والمهلكات؟,إي وربي إنه كذلك
وبقدومه كان يبشر الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه ( أتاكم شهر مبارك...) فهو كالمزرعة يغرس فيها الموفقون
ماشاء الله من الأعمال الصالحات إقتداءا بخير البريات برسولنا عليه الصلاة وسلم الذي (كان أجود الناس وأجود ما يكون
في شهر رمضان) فتنالهم رحمة رب البريات
قال تعالى في الحديث القدسي (كل عمل إبن أدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به..)ابن خزيمة
ويتكاسل فيه أهل الغفلة والشقاء فيبعدون وعن رحمة الله يحجبون,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(أتاني جبريل فقال من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ) ابن حبان
إن هذا الضيف المبارك من شعائر الدين التي جعل الله تعظيمها من دلائل التقوى في قلوب عباده المؤمنين
( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) الحج 32
كما أنه سببا في تحقيقها ( يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )183البقرة
فضيف هذا وصفه وعند الله هذه مكانته-وقد أذن بالرحيل-حقيقا بنا أن نكرمه ونستدرك فيما تبقى من أيامه ولياليه لعلنا
نجبر كسره,فكيف إذا علمنا أن ما تبقى خير ما فيه؟
قال ابن رجب رحمه الله (يا معشر التائبين صوموا اليوم عن شهوات الهوى,لتدركوا عيد الفطر يوم اللقاء,لا يطولن
عليكم الأمل باستبطاء الأجل,فإن معظم نهار الصيام قد ذهب,وعيد اللقاء قد إقترب)لطائف المعارف
فعلينا أخي الحبيب أن نشمر على ساعد الجد لعلنا نحصل التقوى فهذا وقتها,وإنما الأعمال بالخواتيم ,وهذا الشهر المبارك
فيه ليلة مباركة ,قال تعالى ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)
وقال سبحانه (إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ)الدخان
ولقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنها في الآواخر(التمسوها في العشر الأواخرمن رمضان,التمسوها في كل وتر)
وحظ أمته على ترقبها,ولقد سألته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ما تقول إن أدركت ليلة القدرفقال لها قولي
( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )الترمذي
ومن السنة الإجتهاد في العشر الأواخر
فعن عائشة رضي الله عنها قالت( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيره)مسلم
وفي الصحيحين عنها قالت( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره,وأحيا ليله,وأيقظ أهله )
أحيا ليله قال ابن حجر أي سهره بالطاعة
وهذا عكس ما يفعله قومنا إلا من رحم الله فتجدهم مجتهدين في العشر الأوائل مضيعين للعشر الأواخر؟
وحتى نعلم مقدار الخير الذي نحصل عليه بادركنا لشهر رمضان وصيامنا وقيامنا فيه
عن طلحة بن عبيد الله أن رجلين قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان إسلامهما جميعا ، وكان أحدهما أشد اجتهادا
من صاحبه ، فغزا المجتهد منهما ، فاستشهد ، ثم مكث الآخر بعده سنة ، ثم توفي ، قال طلحة فرأيت فيما يرى ال
، كأني
عند باب الجنة إذا أنا بهما ، وقد خرج خارج من الجنة ، فأذن للذي توفي الآخر منهما ، ثم خرج ، فأذن للذي استشهد
ثم رجعا إلي ، فقالا لي ارجع . فإنه لم يأنِ لك بعد ، فأصبح طلحة يحدث به الناس ، فعجبوا لذلك ، فبلغ ذلك رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فقال " من أي ذلك تعجبون ؟ " قالوا يا رسول الله ! هذا كان أشد اجتهادا ، ثم استشهد في سبيل الله
ودخل هذا الجنة قبله .
فقال " أليس قد مكث هذا بعده سنة ؟ " قالوا بلى " وأدرك رمضان ، فصامه " قالوا : بلى " وصلى كذا وكذا سجدة في السَّنَة "
قالوا بلى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فلما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض " .
كما يسن الإعتكاف في المسجد وهو لزوم المسجد بنية طاعة الله فيه وأقله يوم أو ليلة ولقد ألقى في بيان فضله
وفضل الدعاء شيخنا العلامة عزالدين رمضاني خطبة قيمة فالتراجع
رمضان راحل ولعلنا نرحل قبل رحيله ؟
أكرم ضيفك فإنما الأعمال بالخواتيم وأخره خير ما فيه
فيه والله أعلم
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
اللهم وفقنا لصيام رمضان وقيام لياليه إيمانا و احتسابا
والحمد لله رب العالمين