بما اني جديد هنا وبحثت عن قسم للحكاوي والسرد والكلام الذي لا يمل فلم اجد
فدعوني ابدأ من هنا فان اعجبكم ما اقول فتابعوني وشجعوني واذا لا فلا
وغداً لنا لقاء ان شاء الله وما غداً إلا لناطره قريب باذن الله
احمد العباسي

نحن في النتظار اخي

مشكووور على هذا الموضوع نتمنى لك كل التوفيق

قصة راائعة وتعبير راق انا أتابع قصتك بشغف فهي فعلا رائعة شكرا لك

المســـــــــــــــــــــيد

[img][/img]

لمسيد :ـــــــــــ
للذين لا يعرفون المسيد هو مقر لتعليم القرآن وبعض ضروب اللغة والنحو .. وقد كان فى السابق يطلقون علية الكتاب (بضم الكاف وتشديد التاء ومد الاف ) قبل ان تظهر المدارس الحديثة فى عهدنا هذا .. ويختلف المسيد عن المدرسة والروضة ؛؛ بان ليس للمسيد فصول ودرجات تتدرج بهن كالسلم التعليمى ولا مقاعد وطاولات للاجلاس.. انما الجلوس على بساط مصنوع من سعف النخيل (بروش) . ويكون الجلوس غير منظم ومن غير ترتيب اى فى شكل حلقات غير محكمة .. والدارسين فى المسيد يسمون بالحيران مفردها حوار وهده التسمية
يطلقونها على الوافدين من الحى او الاحياء المجاورة اما من ياتون من خارج المنطقة او الولاية يسمونهم طلبة علم . وراس الهرم فى المسيد هو الشيخ الفقية وهو الذى يدير كل هذه المؤسسة .. ثم يليه شيخ الحيران ثم العرّيف (بتشديد الراء وكسر الياء) .. والزى الرسمى للمسيد هو الجلباب والطاقية ولا يهم ان كان مزركشا او ابيض.
نهض ابي باكرا فى تلك الصباحية الشتائية الباردة لصلاة الصبح فى المسجد .. وعند عودتة سمعته يكلم امى بان تعدّنى لياخذنى معه .. الى اين لا ادرى .. ومن نظرة امى لى عرفت بغريزة الطفل انه مشوار قد لا ارغب فيه .. ودائما مااكون سعيدا فى ذهابى مع ابي الا فى بعض المرات ؛كزيارة الطبيب مثلاً .. هبت امى واحضرت الافطار لابي .. ثم اخذتنى والبستنى جلباب جديد مخصصاً لهذه المناسبة ولم تجد طاقية لى ؛؛ مما اضطرها لتلبسنى طاقية ابى التى غطت راسي الصغير حتى الاذنين .. اركبني ابي بجوارة فى سيارة اخي العتيقة وسلك طريقا غير طريقه المعهود .. فى اتجاه الزاوية التى بناها جدى الكبير فى ماضى سحيق لتعليم ما نزل به الوحى من فوق سبع سماوات .
انزلنى ابي وقال لى بجد وحزم وجزم لم اعهده منه من قبل .. خليك راجل كما قلت من قبل ولا تفضحنا مع شيخ حسن.. سامع .. فهززت راسي بالاجاب .. فامسك بيدى وسرنا فى اتجاه الشيخ الذى استقبلنا استقبال الفاتحين .. هاشا باشا .. واجلس ابى على الكرسي الوحيد وجلس هو على البساط وهو فرحان بقدومى لعلمه بسخاء ابى فى العطاء
حينها تكلم ابي وقال .. ياشيخ حسن . هذا ابني علمه وادبه واذا كذب اضربه .. لك اللحم ولنا العظم .. ثم دس فى جيبه بعض الوريقات النقدية وانصرف .
بعدها سلمنى شيخ حسن بعد ان هدأ من روعى ؛ لشيخ الحيران الذى اخذنى بدوره واجلسنى مع بقية الحيران ؛ وطلب منى ان اردد معهم ما اسمعه من تلاوة وراءه.. اخذ يقراء بصوتة الغليظ ونحن نردد خلفه كجوقة موسيقية لكثرة الاصوات واختلافها .. وحلاوتها .. بعد ساعتين من التلاوة امرنا الشيخ بالانصراف للفطور ولا ناتى الا بعد صلاة العصر فقفلت راجعا الى البيت مع احد ابناء الجيران الذى يسبقنى فى العمر وفى المسيد ؛؛؛ طوال الطريق وانا افكر فى طريقة تنجينى من هذا المسيد وتعيدنى الى الروضة حيث ماما هاجر واللبس الانيق وسندوتشات الجبنة الصفراء والواح الشيكولاتة وقطع الحلوى .. لاول مرة احس بحنقى تجاه ابي .. احسست ان ابي لا يحبنى .. لماذا يتركنى فى مثل هكذا حال ... اخبرت امي بانى لن اذهب الى المسيد ثانية .. فاخبرتنى بان شيخ حسن سوف يبعث من سياخذنى بالقوة وسيضربنى بالفلقة على راحة رجلى عقابا على غيابى .. وان ابي سيكون منى ويحرمنى
من الاشياء التى احبها ... رضيت بالمسيد واعتبرته قدري الذي لا مهرب منه .. بقيت على هذا الحال الذى لم اكن معجبا به يوماً لمدة سنتين حتى نلت الشرافة وتعلمت القراءة والكتابة .
والشرافة للذين لا يعرفونها هى ان تحفظ ربع المصحف الشريف او اكثر .. اى بمعنى شرفت لوحك .. ونيل الشرافة له طقس خاص واحتفال خاص وطعم ومذاق مختلف عن احتفالات التخرج الاخرى كالمدرسة والروضة ... عندما نلت شرافتى البسونى جلباب ابيض جديد وطاقية بيضا جديدة ايضا لكنها على مقاس راسي هذه المرة .. وذهبت باكراً الى المسيد فامرنى الشيخ بتزيين لوحى باخر ايات
حفظتها من القرآن الكريم ؛ وقام بتوجيهي بعد ان كتبت الايات بان احمل لوحي على ساعدى واجعل واجهته المزانة الى الامام .. بحيث كل من يراه ويقرأ الايات يعرف الى اى جزء وصلت من الحفظ ..بعدها امرنى الشيخ بالذهاب الى جميع سكان الحى واخبارهم بشرافتى .. بعد ان اتبعنى بمجموعة من الحيران الذين اقل حفظ منى ليكونوا طابور شرف لى .
ذهبت وانا بهذا الزى الجميل ... زى الشيخ الصغير .. من شارع الى شارع ؛؛ ومن دار الى دار ؛؛ كل من نلتقيه يحيينا ويقبل راسي بعد ان يضع مبلغ من المال فى جيبى ويمسح بيده على اللوح طلبا للبركة .. كانن النساء يقابلننى بالزغاريد وعبارات الثناء والاحظ من نظراتهن علامات الاعجاب .. نعم الاعجاب بهذا الشيخ الصغير .. واكثرهن اعجابا وفرحا كانت امى
التى لم تكن الفرحة تسعها حينما راتنى احمل شرافتى .
درنا وبرمنا في الحي الى ان كاد ان ينتصف النهار .. لم نترك دار او متجر والا تطوفنا به .. فامتلأت جيوبي بالمال فقفلت راجعا الى المسيد .. حيث شيخ حسن الذى ما ان رأنى
حتى ابتسم ابتسامة عريضة وماكرة ايضاً ... افرغت كل ما فى جيوبي من نقود بعبه حتى امتلا عبة بقطع النقود المعدنية وبعض الوريقات من الفئات القليلة ؛ فكان نصيبنا منها بان اشترى لنا منها حلاوة المولد والتمر والفول وامرنا بالانصراف بعد ان اهدانى لوحى بشرافته الذى احتفظت به لفترة طويلة .. فلا اعلم اليوم ان كان موجودا ام لا .. وان لا اعود يوم الغد لانه يوم الجمعة التى اقام فيها ابي وليمة كبيره دعا لها كل المصلين فى الجامع على شرف شرافتى
التى شرفته بها .
وهذا اخر عهدى بالمسيد وشيخ حسن الذى لم اصدق ان الله عتقنى منه .. حتى بدأت فى تجهيز نفسي للمدرسة والمستقبل الذى مازالت سنينه بعااااااد.
نواصل

شكرا لك احمد العباسي

في انظار المزيد احمد