الحمد لله فضل يوسف على إخوانه وهداهم للاعتراف بفضله والاقرار بعلوه شأنه وقدره والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه أما بعد
فكثير من الناس يظن أن يوسف عليه السلام إنما قام مقام الصبر ومقام العفاف والطهر ؛ وفي الحقيقة أن المتأمل في سورة يوسف يجد أن هذا الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم قد ذكر الله له مقامات عديدة عظيمة وإن كان أشهرها عند الناس مقام الصبر ومقام العفاف والطهر ؛ وهذه المقامات مقامات ثناء من الله على هذا الرسول الكريم ؛ بل إن المتأمل لها يبدو له وكأن هذه السورة العظيم التي اشتملت على أحسن القصص كأنما سيقت كلها في الثناء على يوسف وأبيه يعقوب عليهما السلام .
والمقامات الواردة في السورة كالتالي والله أجل وأعلم :
أولا / مقام التأدب مع الوالد ومقام الاستشارة ؛ ويجمعهما قوله تعالى : ( إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ).
ثانيا / مقام طاعة الأب ؛ فقد أطاع يوسف عليه السلام أمر أبيه يعقوب عليه السلام فلم يقصص رؤياه على أحد ؛ قال تعالى: ( قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين ).
ثالثا / مقام التمكين ليوسف وتعليمه من تأويل الأحاديث ؛ والدليل عليهما قوله تعالى :( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث ).
رابعا / مقام الحكم والعلم والإحسان ؛ والدليل قوله تعالى : ( ولما بلغ أشده أتيناه حكما وعلما وكذلك نَجْزِي المحسنين ).
خامسا / مقام العفة والإقرار بفضل الله ؛ قال تعالى :( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب ؛ وقالت هيت لك ؛ قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يُفلح الظالمون ).
سادسا / مقام الإخلاص ؛ قال تعالى: ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ).
سابعا / مقام الصدق ؛ قال تعالى : ( وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين & فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم ).
ثامنا /مقام تقديم الصبر على العذاب والألم على الحرام
قال تعالى :( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ).
تاسعا /مقام التوكل على الله والبراءة من الحول والقوة ؛ قال تعالى عنه : ( وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ).
عاشرا / مقام إجابة الدعاء ؛ قال تعالى :( فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم ).
الحادي عشر / مقام نسبة العلم لله سبحانه وتعالى ؛ قال تعالى : ( ذلكما مما علمني ربي ).
الثاني عشر / مقام البراءة من ملة الكفر ؛ قال تعالى :( إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون ).
الثالث عشر / مقام الاتباع ؛ قال تعالى : ( واتبعت ملة آبا ي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ).
الرابع عشر / مقام نسبة الفضل لله ؛ قال تعالى : ( ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ).
الخامس عشر / مقام الدعوة إلى الله ؛ قال تعالى : (يا صاحبي السجن أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار).
السادس عشر / مقام النفع الخاص بتأويل رؤيا صاحبي السجن .
السابع عشر / مقام النفع العام بتأويل رؤيا الملك .
الثامن عشر / مقام الثبات والحكمة عدم الاستعجال ؛ قال تعالى:( وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فسأله ما بال النسوة التي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ).
التاسع عشر / مقام اعلان برآته أمام الملأ ؛ قال تعالى : ( قلن حاشا لله ما علمنا عليه من سوء ).
العشرون / مقام تأكيد البراءة وإثبات صدقه ؛ قال تعالى : ( قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ).
الحادي والعشرون /مقام المكانة والأمانة ؛ قال تعالى : ( وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ).
الثاني والعشرون / مقام الحفظ والعلم ؛ قال تعالى :( قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ).
الثالث والعشرون / مقام التمكين في الأرض ؛ قال تعالى :(وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء).
الرابع والعشرون / مقام وفاء الكيل ؛ قال تعالى : ( ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين ).
الخامس والعشرون/ مقام نصرة الأخ بالحق ؛ قال تعالى : ( ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون ).
السادس والعشرون / مقام كيد الله له ورفعه درجات ؛ قال تعالى : ( كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم ).
السابع والعشرون /مقام الصبر على الأذى القولي ؛ قال تعالى : ( قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ).
الثامن والعشرون / مقام ظهور الإحسان ؛ قال تعالى : ( إنَّا نراك من المحسنين ).
التاسع والعشرون / مقام العدل ؛ قال تعالى : ( قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنَّا إذا لظالمون ).
الثلاثون / مقام الصفح الجميل بالعتاب اللطيف ؛ قال تعالى ( قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون ).
الحادي والثلاثون / مقام منة الله عليه ومقام التقوى والصبر والإحسان مجتمعة ؛ قال تعالى :( قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يُضِيع أجر المحسنين ).
الثاني والثلاثون / مقام العفو ؛ قال تعالى : ( قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ).
الثالث والثلاثون / مقام التسبب في شفاء الوالد ؛ قال تعالى : ( اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بَصِيرا )
الرابع والثلاثون / مقام الإحسان إلى الأهل والقرابة ؛ قال تعالى : ( وأتوني بأهلكم أجمعين ).
الخامس والثلاثون / مقام الاعتناء بالوالدين والترحيب بالأهل ؛ قال تعالى : ( فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ).
السادس والثلاثون / مقام رفع منزلة الوالدين وعدم إنزالهم دون منزلته ؛ قال تعالى : ( ورفع أبويه على العرش ).
السابع والثلاثون / مقام شكر الوالد وتذكيره بفضله وشكر تعليمه له وتبشيره إياه ؛ قال تعالى : ( وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ).
الثامن والثلاثون / مقام حسن اختيار الألفاظ وتجنب ما يؤلم المستمع من الكلام وإن كان حقا ؛ قال تعالى : ( وقد أحسن بي إذا أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي ).
التاسع والثلاثون / مقام الشكر ونسبة الفضل لله وحده ؛ قال تعالى : ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث أنت وليي في الدنيا والآخرة ).
الأربعون / مقام الدعاء والابتهال ؛ قال تعالى : ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين ).
هذا ما تيسر ذكره وإيراده والحمد لله على توفيقه وامتنانه ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فإن كان ما كتبت صوابا فالحمد لله وإن كان غير ذلك فاستغفر الله .