السؤال: شخص جامع زوجته في فجر رمضان قبل الأذان وأذن وهو على وضعه مع زوجته لكن توقف قبل أن ينتهي المؤذن من الأذان فما حكم الشريعة في ذلك؟
الجواب: إذا كان المؤذن يؤذن مع طلوع الفجر، فالواجب الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فإذا قال المؤذن: الله أكبر، لزم الكف عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات.
قال النووي رحمه الله [إذا طلع الفجر وفي فيه طعام فليلفظه، فإن لفظه صح صومه، فإن ابتلعه أفطر...ولو طلع الفجر، وهو مجامع فنزع في الحال صح صومه،.... أما إذا طلع الفجر وهو مجامع، فعلم طلوعه، ثم مكث مستديما للجماع فيبطل صومه بلا خلاف، نص عليه وتابعه الأصحاب، ولا يعلم فيه خلاف للعلماء، وتلزمه الكفارة على المذهب] انتهى من "المجموع" (6/329) .
وقال أيضًا (6/333) [ذكرنا أن من طلع الفجر وفي فيه طعام فليلفظه ويتم صومه، فإن ابتلعه بعد علمه بالفجر بطل صومه، وهذا لا خلاف فيه، ودليله حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم" رواه البخاري ومسلم، وفي الصحيح أحاديث بمعناه] انتهى .
وعليه، فإذا كان المؤذن يؤذن إذا طلع الفجر، فيلزمه النزع عن الجماع، فور سماعه للتكبيرة الأولى من أذانه. وإلا فسد صومهما وعليهما القضاء، وتلزم الرجل الكفارة. والكفارة على هذا الترتيب:
- عتق رقبة مؤمنة فإن لم يستطع
- فصيام شهرين متتابعين غير يوم القضاء فإن أفطر خلال الشهرين يوما ولو لمرض استأنف أي أعاد فإن عجز عن الصيام أيضا
- فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد من غالب قوت البلد.
وعند أبي حنيفة لكل مسكين مقدار ما يغدي ويعشي. فإن عجز عنها كلها استقرت الكفارة في ذمته ولا شىء عليه بدلها. والدّليلُ عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أصله في الصحيحين لفظهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال [جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله ؟ قال "وما أهلكك؟" قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فقال "هل تجد ما تعتق به رقبة؟" قال: لا، قال "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟" قال: لا، قال "فهل تجد ما تطعم به ستين مسكينا؟" قال: لا، ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرقٍ فيه تمرٌ فقال "تصدق بهذا" فقال: أعلى أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيتٍ أحوج إليه منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال "اذهب فأطعمه أهلك"] وفي رواية البخاري، "أعلى أفقر مني يا رسول الله" وفي رواية أبي داود قال "فأتى بعرقٍ فيه تمرٌ قدر خمسة عشر صاعا" وفيها قال "كله أنت وأهل بيتك، وصم يوما واستغفر الله" وإسناد رواية أبي داود هذه جيدٌ إلا أن فيه رجلا ضعفه، وقد روى له مسلمٌ في صحيحه ولم يضعف أبو داود هذه الرواية.
قوله: ( بِعَرَقِ تَمْرٍ) هو بفتح العين والراء ويقال أيضا: بإسكان الراء، والصحيح المشهور فتحها ويقال له أيضا: المكتل بكسر الميم وفتح التاء المثناة فوق والزنبيل بكسر الزاي والزنبيل بفتحها، والقفة والسفيفة بفتح السين المهملة وبفاءٍ مكررةٍ، وكله اسم لهذا الوعاء المعروف، ليس لسعته قدر مضبوط، بل قد يصغر ويكبر، ولهذا قال في الحديث من رواية أبي داود "فيه خمسة عشر صاعا".