الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
والصلاة والسلام على الشاهد المبشر النذير
وبعـــــــــــــــد
رؤية الشيطان في يوم بدر ويوم عرفة هل كانت حقيقية
السؤال
هل كانت رؤية الشيطان في عرفة ويوم بدر رؤية حقيقية: (ما رؤي الشيطان أدحر من يوم عرفة ويوم بدر)؟ ومن الذي رآه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رئي إبليس يوم بدر على هيئة سراقة بن مالك, وتعهد للمشركين بالنصر وأنه جار لهم, كما قال الله تعالى: ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ{الأنفال:48}، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: " حسن لهم - لعنه الله - ما جاؤا له وما هموا به، وأطمعهم أنه لا غالب لهم اليوم من الناس، ونفى عنهم الخشية من أن يؤتوا في ديارهم من عدوهم بني بكر, فقال: إني جار لكم، وذلك أنه تبدى لهم في صورة سراقة بن مالك بن جعشم سيد بني مدلج كبير تلك الناحية, وكل ذلك منه كما قال تعالى عنه: ( يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا), قال ابن جريج: قال ابن عباس - رضي الله عنه - في هذه الآية: لما كان يوم بدر سار إبليس برايته وجنوده مع المشركين, وألقى في قلوب المشركين أن أحدًا لن يغلبكم, وإني جار لكم, فلما التقوا ونظر الشيطان إلى إمداد الملائكة نكص على عقبيه - رجع مدبرًا - وقال: إني أرى ما لا ترون .. الآية " اهـ من تفسير ابن كثير
وقد ذكر بعض المفسرين أنه رآه الحارث بن هشام وقد روى أبو نعيم في الدلائل عن رفاعة بن رافع لما رأى إبليس ما تفعل الملائكة بالمشركين يوم بدر أشفق أن يخلص القتل إليه, فتشبث الحارث بن هشام, وهو يظن أنه سراقة بن مالك، فوكز في صدر الحارث فألقاه، ثم خرج هاربًا حتى ألقى نفسه في البحر, فرفع يديه وقال: اللهم إني أسألك نظرتك إياي, وخاف أن يخلص القتل إليه, هذا وقد روى الإمام مالك في الموطأ عن إبراهيم بن أبي عبلة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما رئي الشيطان يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة, وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة, وتجاوز الله عن الذنوب العظام, إلا ما أري يوم بدر, قيل: وما رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال: أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة. وهذا الحديث ضعفه الألباني لأنه مرسل, ثم إنه إن ثبت فهو لا يعني بالضرورة أن يرى الناس الشيطان بعرفة, وإنما يعني الإخبار عن صغار الشيطان وخزيه يومئذ.
والله أعلم.