لماذا أنزل الله القرآن باللغة العربية ؟
مما
يثار حول القرآن الكريم من الشبهات هو : إذا كان القرآن كتاباً لكل
البشرية ، فلماذا أنزله الله باللغة العربية ، و لم ينزله بلغة أخرى غيرها ؟
و في الجواب نقول :
1
- من الواضح أن نزول القرآن ـ كغيره من الكتب السماوية ـ كان لا بُدَّ أن
يكون بلغة من اللغات الحية التي يتكلم بها الناس عصر نزول القرآن ، و اللغة
العربية كانت إحدى أهم تلك اللغات .
و من الواضح أيضاً أنه على أي لغة
أخرى ـ غير العربية ـ كان يقع الاختيار فإن هذه الشبهة كان يمكن طرحها ، و
حينها كان يقال : لماذا نزل القرآن بهذه اللغة ، قال الله عَزَّ و جَلَّ :
﴿
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ
آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى
وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ
عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [فصلت44]
2
- هذا من جهة ، و من جهة أخرى ، فإن أي كتاب سماوي ينبغي أن ينزل بلغة
الرسول الذي ينزل عليه ذلك الكتاب ، ليتمكن من التعامل معه بصورة طبيعية ، و
من هذا المنطلق كان من الطبيعي اختيار اللغة العربية دون غيرها من اللغات ،
حيث أنها اللغة التي كان يتحدث بها النبي محمد ( صلى الله عليه و آله وسلم
) ، كما و أن أي رسول لا بُدَّ و أن يتحدث بلسان القوم المرسَل إليهم ، أو
المبعوث فيهم ، و لقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الأمر حيث قال : ﴿ وَمَا
أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ
فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ ﴾ [إبراهيم] ، فكان من الطبيعي أن يتم نزول القرآن باللغة
العربية التي هي لغة النبي محمد ( صلى الله عليه و آله وسلم) ، و لغة قومه
الذين يعيش معهم ، لكن اختيار لغة قوم الرسول لا يدل على انحصار الدعوة في
من يتكلم بتلك اللغة ، خاصة و أن الأدلة القاطعة تثبت خلاف ذلك .
3 -
إننا لا نشك في أن نزول القرآن باللغة العربية دون غيرها من اللغات لم يكن
عفوياً ، بل كان لأسباب دقيقة ، و هو بكل تأكيد اختيار حكيم لأنه من
قِبَلِ رب العالمين ، و نحن نؤمن بوجود الحكمة في هذا الاختيار سواءً
تبيَّنت لنا أسبابه أم لم تتبين .
4 - أضف إلى ذلك أن خصائص اللغة
العربية و قابلياتها الحيوية و مرونة تعبيراتها و سعتها و ما إليها من
مميزات من حيث الاشتقاق الصرفي ، و الإيجاز ، و الخصائص الصوتية ، و
إمكانية تعريب الألفاظ الواردة ، تجعل اختيارها لغة للقرآن الكريم هو
الخيار الصحيح .
5 - و من جانب آخر فأن اللغة العربية ـ كما جاء في
الأحاديث ـ هي لغة عدد من الأنبياء العظام السابقين ( عليهم السلام ) ، و
قد كانوا يتكلمون بها ، و لقد جاء في بعض الروايات أن خَمْسَة أنبياء مِنَ
الْعَرَبِ : هُودٌ وَ صَالِحٌ وَ شُعَيْبٌ وَ إِسْمَاعِيلُ وَ مُحَمَّدٌ (
عليهم السلام ) ، و أن لغة النبي آدم ( عليه السَّلام ) حينما كان في الجنة
كانت العربية ، حيث إنها لغة أهل الجنة ، و ستكون العربية لغتهم التي
يتكلمون بها في الجنة ، فكل هذه الأمور مما ترجح و تدعم اختيار اللغة
العربية لأن تكون لغة للقرآن الكريم .
أبعْد هذا سؤال واعتراض ؟؟!!
والله تعالى أعلى وأعلم وأحكم ....
</td></tr></table>