تاريخ التأسيس 903 ميلادية
الارتفاع عن
مستوى البحر(م) أمتار (3 أقدام)
الرمز البريدي
31031-31000
وهران
صورة معبرة عن الموضوع وهران
من الأسفل إلى الأعلى: الواجهة البحرية، مسجد الباي، ساحة أول نوفمبر، قلعة سانتا كروز، تمثال الأسدين.
شعار
شعار وهران: شعبي لا يقهر وضيفي لا يحقر
اللقب الباهية
تاريخ التأسيس 903 ميلادية
صورة معبرة عن الموضوع وهران
خريطة تظهر فيها تقسيمات أحياء وهران وشوارعها الأساسية
تقسيم إداري
البلد علم الجزائر الجزائر
خصائص جغرافية
المساحة (كم²) 2,121 كم2 (819 ميل مربّع)
الارتفاع عن
مستوى البحر(م) 0.9 أمتار (3 أقدام)
السكان
التعداد السكاني 852,576 نسمة (في سنة 2010[1])
الكثافة السكانية 9,530 نسمة/كم2 (5,921.6 نسمة/ميل مربّع)
معلومات أخرى
خط العرض 35.69694
خط الطول -0.63306
التوقيت CET (توقيت أوروبا الوسطى +1 غرينتش)
التوقيت الصيفي +2 غرينتش
الرمز البريدي 31031-31000
وهران في الجزائر
وهران
تعديل طالع توثيق القالب
وهران (تنطق باللهجة المحلية: وهرن)؛، الملقبة بــالباهية هي ثاني أكبر مدن الجزائر بعد العاصمة[2] وأحد أهم مدن المغرب العربي، تقع في شمال غرب الجزائر على بعد 432 كيلومترا عن الجزائر العاصمة. مطلة على خليج وهران في غرب البحر الأبيض المتوسط، ظلت المدينة منذ عقود عديدة ولا تزال مركزا اقتصاديا وميناءً بحريًا هامًا.
يحدها من الشمال خليج مفتوحة ومن الغرب جبل مرجاجو (420 متر) وهضبة مولاي عبد القادر الكيلاني. يقع تجمع المدينة على ضفتي خور وادي الرحي (جمع رحى) المسمى الآن وادي رأس العين. بلغ عدد سكان البلدية 852,000 نسمة في عام 2009 في حين يبلغ عدد سكان الحاضرة 1.648.642 نسمة،[3] كما تبين أن ميزانيتها وصلت إلى 4,8 مليار دينار جزائري سنة 2008.[c 1]
شّدت المدينة منذ القدم اهتمام الحضارات المختلفة وأطماعها، فتقلب حكمها بين سلالات حاكمة محلية من بربر وعرب وأتراك عثمانيين وبين محتلين إسبان وفرنسيين وضع كل منهم بصمته لتزين به المدينة فسيفساءها التراثي والثقافي. بعد استقلال الجزائر شهدت المدينة تطورات مهمة جعلت منها ثاني مدن البلد وقطبًا اقتصاديًا وعلميًا مهمًا. تنوع النشاط الاقتصادي فيها من صناعات كبيرة وصغيرة استفاد من مجاورتها لمدينة أرزيو النفطية، كما أصبحت المدينة قطبًا تجاريًا بفضل مينائها البحري النشط الذي شكل المنفذ الأساسي للتجارة الخارجية لكل الناحية الغربية للجزائر.
الثقافة الوهرانية صنعت للمدينة سمعة إقليمية وعربية وحتى عالمية. فاشتهرت المنطقة بشعراء ما يسمى بالملحون الذي شكل المعين الذي غرفت منه الأغنية الوهرانية عبر شيوخ الوهراني وأغنية الراي لاحقا لتصل به لآذان العالم عبر شباب المدينة. كان للمسرح أيضا نصيب تشهد عليه مسرحيات عبد القادر علولة وغيره. هذا التنوع جعل من المدينة مكان جذب للسياح فلا تزار الجزائر دون زيارة وهران. وقد فتح هذا المجال للاستثمار في البنية التحتية لقطاع السياحة فتعددت الفنادق الفخمة والمنتجعات السياحية التي استغلت جمال شواطئ المنطقة.
فقا للتفسير الأكثر شيوعا بين العامة، فكلمة «وهران» هي مثنى اللفظة العربية "وهر" وتعني الأسد.[4] غير أن كلمة وهر لا تعني أسد حسب لسان العرب والصحاح في اللغة والقاموس المحيط وغيرها،[5] إضافة إلى أن أغلب المؤرخين لم يوردوا هذا التفسير. لذا فإن من المرجح أن يكون الاسم من أصل بربري،[6] نسبة إلى واد الهاران أو إلى أسود الأطلس التي كانت تعيش في المنطقة والذي ورد اسم كل منهما في التاريخ بتهجئات مختلفة.[6]
الأسطورة تحمل تفسيرا للرواية الأولى وتقول أنه تم اصطياد الأسود الأخيرة لهذا الساحل المتوسطي في الجبل المجاور لوهران المدعو "جبل الأسود". وأعطى للمدينة هذا الاسم صائد الأسود السابق سيدي معقود المهاجي تكريماً لأسدين قام بترويضهما. ولقد تم تنصيب تمثالين برونزيين كبيرين لأسدين أمام مقر البلدية في إشارة إلى اسم المدينة. وضريح (قبة) سيدي معقود المهاجي يوجد في مقبرة سيدي الفيلالي في حي الصنوبر.[7]
يُذكر أن وهران كانت تعرف سابقا باسم "إيفري" وتعني باللغة الأمازيغية الـكهف وهي تسمية مرتبطة دون شك بالكهوف العديدة المتواجدة بالتلال المحيطة بوهران.
الجغرافية
تقع وهران في الطرف الغربي للضفة الجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط على خليج وهران. يحدها من الغرب جبل مرجاجو والذي يفصلها عن بلدية المرسى الكبير. من الجنوب تحدها بلدية السانية في هضبة مولاي عبد القادر الكيلاني (مول المايدة)، أما من الجنوب الغربي فتحدها سبخة كبيرة. بئر الجير هي أحد ضواحيها.
إلى الغرب من وهران يرتفع جبل مرجاجو بسفوح وعرة مخددة، وهو يتألف من صخور الشيست والكواتزيت (العصرين اللياسي والجوراسي) ويرتفع لأكثر من 500م بشكل شبه شاقولي. وعلى سفوح هذا الجبل وبالقرب من الأحواض القديمة تنتشر أحياء قديمة مثل حي بلانتور ورأس العين.
ت قضية المياه دورا حيويا دائما في المدينة لأنها كانت دائما غير كافية ومالحة.[11] إضافة إلى معدلات الهطول المنخفضة، لا توفر الموارد الجوفية للمدينة إمدادات كافية من المياه. كانت ولاية وهران عام 2002 من بين أقل ولايات الجزائر حفرًا لآبار المياه الجديدة (حفرت 18 بئرًا فقط).[12]
يتم توفير المياه لوهران من عدة سدود بما في ذلك مستجمعات المياه في وادي تافنة الذي يقع على بعد حوالي 80 كيلومترا إلى الغرب من المدينة،[13] ونهر الشلف الذي يبعد نحو 200 كيلومترا إلى الشرق من المدينة وذلك عبر نظام الماو حيث يوفّر هذا النظام أكثر من 155 مليون م³ من المياه الشروب سنويا، حيث يتضمن محطّة لمعالجة مياه واديالشلف قدرتها الإنتاجية 560 ألف م³ يوميا، فيما تقام أحواض على مستوى ولايتي وهران ومستغانم لتجميع المياه إضافة إلى محطّات التخزين والتي تقدّر طاقتها بوهران بـ300 ألف م³[14]. تتمتع ولاية وهران بهياكل لتحلية مياه البحر ولديها مخطط لبناء وحدة ببلدية المقطع تعتبر الأكبر في العالم بطاقة إنتاج تقدر بـ500,000 م³/يوم.[15][16]
سبخة وهران الكبيرة الواقعة بـشط الشرقي (الحوض الهيدروغرافي بالإقليم الوهراني) تخضع لـاتفاقية رامسار.[17] تغذي هذه السبخة شبكة هيدروغرافية معقدة تأتي من جبل مرجاجو في الشمال وتسالا من الجنوب. هذه الشبكة هي محل تجاذبات بين أنصار تطوير السهول الفلاحية الغنية المحيطة بها من جهة والمدافعين عن النظام البيئي من جهة أخرى. استفاد الجزء الشمالي من السبخة من توسع وتطور مدينة وهران ونشاطها الصناعي، مع أن هذا التطور أصبح مصدر تلوث كبير للسبخة وزاد من ملوحتها. الجزء الجنوبي على العكس مستغل بشكل ضعيف وبنيته التحتية متخلفة. دفع عدم وجود معلومات ودراسات عن المياه الجوفية والسطحية للبحيرة وزارة الموارد المائية لتقديم طلب دراسة شاملة عن هذا الموضوع سنة 2002.[18]
النباتات والحيوانات
طيور النحام في سبخة وهران.
ليس لمدينة وهران أي منطقة ذات أهمية إيكولوجية خاصة بضواحيها. جبل مرجاجو والسبخة يضمان نباتات وحيوانات متوسطية مميزة. تغطي أشجار الصنوبر الحلبي جبل مرجاجو على مساحة 668 هكتار،[19] كذلك هناك التين الشوكي والأغاف خصوصاً في المحيط المباشر لحصن سانتا كروز.
سبخة وهران أكبر سبخة في الغرب الجزائري، وهي تتكون من طبقة رقيقة من المياه الملحية وهي خالية من أي غطاء نباتي. في محيطها المباشر تنتشر نباتات تتكيف مع المناخ الجاف والأراضي المالحة، ومن هذه على سبيل المثال السويدا ميريتما، والأسل والكاميروبس والقليل من الـطرفاء النامية على أطراف السبخة.
في الإقليم الوهراني تعتبر السبخة المكان المفضل للطيور المهاجرة القادمة من جبل طارق في الغرب مثل الكراكي والزقزاقيات والنحام الأكبر الذي يفضل بشكل خاص المناطق الرطبة القليلة العمق. شهد تواجد النحام الأكبر والشهرمان تطوراً في السبخة.[20]
الطوبوغرافيا
خريطة طبوغرافية لوهران في عام 1942.
تقع وهران على دائرة عرض 35° 691' شمالاً وخط طول 0° 642' غرباً ويبلغ ارتفاعها عن مستوى البحر حوالي 60 مترًا. يقع تجمع المدينة على ضفتي خور وادي الرحي (جمع رحى لكثرة تواجدها على ضفافه) وعلى مساحة تقدر بخمسة وسبعون كم².[21] ارتفاع المدينة يزيد بشكل ملحوظ بمجرد تخطي منطقة الميناء. بنيت الواجهة البحرية على ارتفاع 40 متر فوق البحر، أما منحدرات قمبيطة فترتفع إلى أكثر من 50 متر. ترتفع المدينة بشكل بسيط لتصل إلى 70 متر ثم 90 متر بمحاذاة السانية.[22] بنيت المدينة بشكل أساسي على هضبة من الحجر الجيري.
دائرة سيدي الهواري المطلة على البحر هي المركز التاريخي للمدينة، تقع في شمال غرب المدينة على طول رأس العين على سفح جبل مرجاجو. هذه الدائرة تحتفظ بآثار تشهد على مرور عدة حضارات: الإسبانية، العثمانية والفرنسية. نجد الحصون الإسبانية التي تعود للقرن السادس عشر، مسجد الباشا من القرن الثامن عشر، قاضي بولحبال والي المدينة أنشأت له قبة سنة 1793 من قبل الباي العثماني، والذي بنى قصراً خاصاُ به أيضاً. يمكننا كذلك مشاهدة مقر الولاية الفرنسية السابقة العائد للقرن التاسع عشر بنهج ستالينجراد.
حي لاكالير أوت ولاكالير باس (بالإسبانية: La Calaira) بسيدي الهواري هما حيين أنشآ من قبل الإسبان وكانا يمثلان حي الصيادين بالمركز التاريخي والتراثي لوهران وهدما سنة 1980. يجعل تاريخ وهران من لاكالير أول حي بالباهية.
بئر الجير: تمثل أهم مدن الضاحية الشرقية لوهران. في العهد الاستعماري كانت بلدية بابتيزي أركول تبعد عن وسط المدينة بثمانية كيلومترات. حافظت المدينة على خاصيتها الفلاحية حتى نهاية سنوات الثمانينيات من القرن العشرين. يبلغ عدد سكانها اليوم حوالي 118.000 نسمة، وهي أحد أهم أقطاب الحاضرة. فبها مقار العديد من المؤسسات المبنية على نمط العمارة الحديثة مثل مقر سوناطراك ومستشفى وهران الجامعي «1 نوفمبر 1954» وقصر المؤتمرات ومعاهد للتعليم العالي وقصر العدالة. كما يعتزم بناء ملعب ألمبي بسعة 50.000 متفرج.
السانية: هي أكبر مدينة بالضاحية الجنوبية لحاضرة وهران تبعد عن مركز مدينة وهران ب 7 كم. كانت تعرف في عهد الاستعمار الفرنسي بالسانية (بالفرنسية: Sénia). تضم عدة مناطق صناعية، العديد من المعاهد الجامعية ومراكز البحث مثل المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية[25](بالفرنسية: CRASC)، ومركز الدراسات المغاربية بالجزائر[26](بالفرنسية: CEMA)، والمطار الدولي. ستكون السانية المحطة النهائية لترامواي وهران.
تمثل بعض البلديات فضاءً من جاذبية المدينة دون أن تكون جزءا من حاضرة المدينة. من هذه البلديات المرسى الكبير وعين الترك. تقع عين الترك على بعد 15 كم إلى الشمال الغربي من مدينة وهران وتضم العديد من الهياكل الفندقية والمركبات السياحية. تغير المنظر الطبيعي للمدينة بسبب مشاريع الطرق السريعة، المنتجعات والمستشفيات، إلخ. على بعد 8 كم من هذه البلدية يوجد منتجع مركب الأندلسيات. أما المرسى الكبير فتقع إلى الشمال الغربي لوهران على بعد 7 كم، وهي مقر القوات البحرية الجزائرية ومينائها من أهم القواعد البحرية. تقع في شرق وهران بلدات كاناستيل (المنزه)، وعين فرانين، وكريشتل.
الحقبة الإسلامية
بعد تأسيسها كانت وهران محل نزاع بين أمراء قرطبة الأمويين والفاطميين، فقد دام الصراع حول المدينة من سنة 910 حتى سنة 1082م، حيث خضعت لهؤلاء تارة ولأولئك تارة أخرى.[38]
منذ العام 1000م كانت الجالية اليهودية موجودة ومنظمة في وهران،[b 1] وفي هذه الحقبة كانت المكانة الإستراتيجية لوهران تفوق الجزائر وتلمسان.[8] سنة 1077م سقطت المدينة بيد يوسف بن تاشفين مؤسس الدولة المرابطية وخضعت له لمدة 68 عام. وفي سنة 1145 وقعت وهران بقبضة قوات عبد المؤمن بن علي الكومي الموحدية المنتصرة في تلمسان وذلك بعد مقتل إبراهيم بن تاشفين ومحظيته عزيزة إثر انقلابهما وحصانيهما بأحد منحدرات جبل مرجاجو،[a 4] عندما كانا يقصدان الميناء من أجل التوجه إلى الأندلس.[39]
في خلفية الصورة، برج المحل (برج اللقالق) أو روزالكزار ثم شاطوناف لدى الإسبانيين والفرنسيين.
عرفت المدينة تحت حكم الموحدين فترة طويلة من الاستقرار والازدهار لأكثر من قرن طوروا خلالها الميناء وأحواض السفن.[36] على الرغم من اضطهاد الموحدين، تطور المجتمع اليهودي فكانت هناك تجارة بين يهود غرب المتوسطي ويهود وهران في الفترة ما بين القرن الثاني عشر والقرن الرابع عشر.[b 1]
بدأت إمارة الموحدين تنهار شيئا فشيئا، بعد أن حكمت المغرب العربي لعشرات السنين ليولد من رحمها في نهاية المطاف ثلاث سلالات حاكمة: الحفصيون في سنة 1230، والزيانيون في سنة 1235، والمرينيون في سنة 1258. أصبحت وهران تحت حكم الزيانيين منذ سنة 1228 عندما سقطت بيد يغمراسن بن زيان. فيما بعد أخد المرينيون المدينة وقدم أبو الحسن علي بن عثمان ليستقر بها عام 1347م.[40]
«في أقل من نصف قرن مرت وهران تحت تسع سلطات مختلفة... نجح بن عباد في البقاء على رأس حكومة وهران، بشرط الاعتراف بتبعيته للحفصيين (1437)». احتضنت وهران بين أسوارها في هذا الوقت محمد التاسع الأيسر الملك الخامس عشر لمملكة غرناطة الذي أجبر على الفرار من رعاياه المتمردين. بعد وفاة بن عباد خضعت وهران لحكم الزيانيين وتحت هذا الحكم الجديد عرفت وهران ازدهاراً كبيراً، فقد أصبحت مركز لنشاط تجاري واسع ونشيط جداً. شهد على ذلك مارمو وألفاريس غوميس: «العاج، جلود النعام، جلود البقر المدبوغة، الذهب والحبوب هي مصادر ثروة السكان التي لا تنضب الذين برعوا أيضاً في صناعة الصوف والأسلحة البيضاء. أقدم سكان البندقية، بيزا، جنوة، مرسيليا وكتلونيا على شراء هذه المنتجات، ويسوقون الأقمشة، الخرز، الحديد والخردوات». كان بوهران آنذاك 6000 منزل، وعدّة مساجد رائعة، ومخازن كبيرة، ومباني تجارية جميلة كثيرة. عدة مباني بارزة تعود لهذه الفترة مثل تحصينات المرسى الكبير وربما ملاجئ روزالكزار.
خلال القرن الرابع عشر أصبحت وهران مركزاً فكرياً،[40] حيث أقام بها العديد من الكتاب وتباهوا بمفاتنها، ومن هؤلاء:
ابن خلدون: «وهران متفوقة على جميع المدن الأخرى بتجارتها وهي جنة التعساء. من يأتي فقيراً إلى أسوارها يذهب غنياً».[41]
الإدريسي: «وهران على حافة البحر، تواجه الميرية على الساحل الأندلسي ويفصلهما يومين من الإبحار. مرسى الكبير هو ميناء ليس له مثيل في كامل الساحل البربري، تقصده سفن الأندلس غالباً. وهران وافرة الثمار. سكانها هم رجال أفعال، أقوياء وفخورين».[42]
ابن خميس: «المدينتين الساحليتين التين أعجبتاني في المغرب العربي هما وهران خازر وجزائر بولوغين».[42][43]
ليون الإفريقي: «وهران مدينة كبيرة تتوفر على مرافق وجميع أنواع الأشياء الائقة بمدينة طيبة كالمدارس، الحمامات، المستشفيات والفنادق، يحيط بالمدينة سور جميل عال».[42]
في أول ترحيل لليهود من إسبانيا عام 1391، اتجه اليهود السفارديون نحو المغرب العربي. وفي سنة 1492 وبعد صدور مرسوم الحمراء، استقل اليهود السفارديون والمرانسميون 25 سفينة في ميناء سانتا ماريا بقادس متجهين إلى وهران.[b 1] كانت وهران في هذه الحقبة جمهورية بحرية، دولة مدينة تعد بمثابة إمارة منفصلة عن الزيانيين،[8] وكانت المدينة في حالة حرب ضد سيادة الدولة الزيانية والسكان رفضوا ان يكون لها محافظ في المدينة، فهم يختارون كل سنة قاضي القضاة ومستشارين لحكومة المدينة. واقتصرت صلاحيات محكمة تلمسان على تحصيل الضرائب.[44]
ابتداءً من عام 1493 استضافت وهران عدداً كبيراً من اللاجئين الناصريين بعد سقوط الأندلس. كانت الرغبة بالانتقام، واستعادة الأراضي المسلوبة، وعدد اللاجئين الكبير، هو ما جعل الساحل الجزائري نقطة انطلاق لعدد كبير من الهجمات ضد إسبانيا المسيحية. مع مطلع القرن السادس عشر كان الملوك الكاثوليك في عز قوتهم فقرروا ضم العديد من الموانئ الجزائرية. أدى التدخل العسكري العثماني إلى إجلاء الإسبان عن الموانئ المحتلة باستثناء ميناء وهران (1509-1708) والمرسى الكبير (1505-1792).[45]
الحقبة الإسبانية
في 4 يناير 1831 دخل الجنرال شارل-ماري دينيس دامريمون قائد البعثة الفرنسية وهران التي كانت لا تزال تحمل آثار الزلزال الذي ضربها عام 1790 والذي دمرها بشكل كبير. وفي 17 أغسطس من نفس السنة أسس الجنرال فودواس حامية منها الكتيبة الرابعة بالفيلق الأجنبي وجعل من وهران منطلقا لغزو الجنوب الوهراني.
ذكر القائد داريان،[51] أن أول محاولة إحصاء جرت عام 4 فبراير 1832، ووصلت إلى نتيجة أن بالمدينة 3856 ساكنا بينهم 2876 من اليهود و730 من الأوروبيين و250 ما سمتهم بالمسلمين (التسمية التي تشير للجزائريين). ومن ضمن 3856 ساكنا هناك 318 شخصا وصفوا على أنهم خدم. وفي حين أن مصادر أخرى تحدثت عن قرابة 18 ألف نسمة،[b 2] ما يجعل الباحث يصل إلى نتيجة أن محاولة الإحصاء تلك لم تشمل كل الساكنين لسبب من الأسباب. فقد يكون السبب فرار أهل وهران عند دخول المحتل واللجوء للمرتفعات فلم يبقى إلا الحي اليهودي. وقد يكون ضعف القائم على الإحصاء مفتش الشرطة بيجول الذي عين في هذا المنصب حديثا ووجد صعوبات في أداء عمله فاستقال سريعا وكانت محاولة الإحصاء هاته العمل الوحيد المذكور له.[51] أو كل هذه الأسباب مجتمعة وغيرها.
منظر لوهران من قلعة سانتا كروز فوق جبل مرجاجو، مع جبل الأسود في شرق المدينة (أعلى يسار الصورة).
وكانت الخطوات الأولى للإدارة العسكرية هدم البيوت التي تخفي الوجهة الشرقية بين شاطوناف وحصن القديس فيليب ثم تلك التي على تل رأس العين للتقليل من خطر الكمائن. انطلاقاً من 17 أبريل 1832 نشبت معارك متفرقة بين الحامية الفرنسية في وهران بقيادة الجنرال بوير والشيخ محي الدين وابنه الأمير عبد القادر الجزائري. في 11 نوفمبر صدت الحامية بقيادة كروس أفيناس هجوما كبيرا. بايعت قبائل نواحي معسكر عبد القادر بن محي الدين ذي 24 ربيعا سلطانا وقائدا للجهاد والمقاومة ضد الغزو الفرنسي واعترف به "أميرا للمؤمنين".
وقع الأمير عبد القادر في 4 يوليو 1834 على معاهدة دي ميشال، ثم وسع قبضته عندما اعترفت معاهدة تافنة بإمارة الجزائر في مايو 1837 ليكرس سلطته على ثلث البلاد الجزائرية بما فيها كامل الإقليم الوهراني (باستثناء مدن وهران، مستغانم وأرزيو) والعاصمي وبعض مناطق الشرق والجنوب. جمع الأمير عبد القادر أراضيه ووضع سياسة صارمة، وحد الشعب إدارياً لمواجهة المستعمر الفرنسي. وفي 31 يناير 1838، تم الانتهاء من بناء مدينة وهران كبلدية كاملة.
التنمية والاستيطان
ساحة أول نوفمبر (سابقا ساحة السلاح).
بين عامي 1841 و1847 قام الجنرال لاموريسيار بإعادة تنظيم المدينة بإنشاء أحياء قرية الزنوج، والمدينة الجديدة، وتشريد السكان الأصليين ثم تكييف المدينة لسياسة الاستعمار الاستيطاني. هكذا شهدت وهران موجة من الهجرة الأوروبية:
47300 فرنسي قادمين من الألزاس وفوج ودوفيني ومناطق أخرى من جنوب فرنسا.
31000 إسباني.
8800 مالطي.
8200 إيطالي
8600 سويسري وألماني.
عانت المدينة من وباء الكوليرا الشديد (ما بين 11 أكتوبر و17 نوفمبر 1849)، وتفيد التقارير الحالة المدنية إلى وفاة 1817 شخص قبل أن تضاف إليها عشرة بعد موجة من المهاجرين اليهود من تطوان المغربية.
بالنظر إلى النمو السريع للتنمية بوهران تقرر تطوير الميناء وفقا لحجم المدينة. بدأت الأعمال الأولية في عام 1848، ولم تنتهي الأشغال إلا مع خروج المستعمر عام 1962 لتعطي للميناء شكله الحالي.
أقام الإمبراطور نابليون الثالث عام 1865 بفندق السلام،[b 3] ومنح الجنسية الفرنسية للـيهود الجزائريين والأجانب الذين يثبتون ثلاث سنوات من الإقامة في الجزائر.[52] ووجه هذا المرسوم بمقاومة من المستوطنين وتوجب انتظار مرسوم كريميو في 24 أكتوبر 1870 ليتمكن 37000 يهودي من الانتقال من صفة رعية فرنسية إلى مواطن فرنسي. شهدت وهران كما في فرنسا نمو سياسة معادات السامية.
مطلع القرن
بعد عام 1890 شهدت المدينة نمواً متواصلاً، حتى تجاوز تعداد سكانها 100 ألف نسمة داخل الأسوار مع مطلع القرن العشرين ما دفعها لتجاوزها والتوسع على الهضبة باتجاه كارجنطا ليتم إنشاء ضواحي جديدة مثل سان أنطوان وأكمول وبولونجي وديلمونت وسان ميشال وميرامار وسان بيار وسانت أوجان وقمبيطة.
أصبحت وهران مكاناً لنشاط مكثف:
في عام 1892 بحديقة دار الأيتام بمسرغين، استطاع الأب كليمون بعد عملية تهجين من إنتاج نوع جديد من البرتقال الخالي من البذور نسب إليه ألا وهو الكليمونتين.
عام 1930 تجاوزت قدرة ميناء وهران بالأطنان تلك الخاصة بميناء الجزائر.
بين 1930 و1932 العديد من الأرقام القياسية الجوية العالمية بالمسافة والتوقيت في مجال مغلق تحققت بمطار السانية.
احتلت وهران المرتبة الخامسة في ترتيب المدن الفرنسية