دءا"
عكس الناس,كان يريد ان يختبر بها الاخلاص. ان يجرب معها متعة الوفاء عن جوع,ان يربي حبا وسط الغام الحواس.
هي لاتدري كيف اهتدت انوثتها اليه.
هو الذي بنظرة,يخلع عنها قلبها, ويلبسها شفتيه. كم كان يلزمها من الايمان, كي تقاوم نظرته!
كم كان يلزمه من الصمت, كي لاتشي به الحرائق!
هو الذي يعرف كيف يلامس انثى . تماما, كما يعرف ملامسة الكلمات. بالاشتعال المستتر نفسه.
يحتضنها من الخلف, كما يحتضن جملة هاربة,بشيىء من الكسل الكاذب.
شفناه تعبرانها ببطء متعمد, على مسافة مدروسة للاثارة.
تمران بمحاذاة شفتيها, دون ان تقبلاهما تماما. تنزلقان نحو عنقها, دون ان تلامساه حقا". ثم تعاودان صعودهما بالبطء المتعمد نفسه. وكأنه كان يقبلها بأنفاسه, لاغير.
هذا الرجل الذي يرسم بشفتيه قدرها, ويكتبها ويمحوها من غير ان يقبلها, كيف لها ان تنسى ...كل مالم يحدث بينه وبينها؟
في ساعة متأخرة من الشوق , يداهمها حبه.
هو , رجل الوقت ليلا, يأتي في ساعة متأخرة من الذكرى. يباغتها بين نسيان واخر.
يضرم الرغبة في ليلها ...ويرحل.
تمتطي اليه جنونها, وتدري: للرغبة صهيل داخلي لايعترضه منطق. فتشهق, وخيول الشوق الوحشية تأخذها اليه.
هو رجل الوقت سهوا. حبه حالة ضوئية. في عتمة الحواس يأتي. يدخل الكهرباء الى دهاليز نفسها...يوقظ رغباتها المستترة...يشعل كل شيء في داخلها ...ويمضي.
فتجلس في المقعد المواجه لغيابه, هناك.... حيث جلس يوما مقابلا لدهشتها. تستعيد به انبهارها الاول.
هو...رجل الوقت عطرا. ماذا تراها تفعل بكل تلك الصباحات دونه؟ وثمة هدنة مع الحب,
خرقها حبه. ومقعد للذاكرة مازال شاغرا بعده..وابواب مواربة للترقب...وامرأة..ريثما يأتي,تحبه كما لو انه لن يأتي. كي يجيء.
لو يأتي...هو رجل الوقت شوقا. تخاف ان يشي به فرحها المباغت.....
ان يأتي , لويأتي...
كم يلزمها من الاكاذيب, كي تواصل الحياة وكأنه لم يأت! كم يلزمها من الصدق, كي تقنعه انها انتظرته حقا!
لو.......
كعادته , بمحاذاة الحب يمر, فلن تسأله اي طريق سلك للذكرى, ومن دله على امرأة,
لفرط ما انتظرته, لم تعد تنتظر...
لو....
بين مطار وطائرة , انجرف به الشوق اليها فلن تصدق انه استدل على النسيان بالذاكرة.
ولن تسأله عن اسباب هبوطه الاضطراري....
فهي تدري, كنساء البحارة تدري , ان البحر سيسرقه منها وانه رجل الاقلاع...حتما.
ريثما يأتي.
هو سيد الوقت ليلا..سيد المستحيلات..والهاتف العابر للقارات...والحزن العابر للامسيات..
والانبهار الدائم بليل اول.
ريثما يعود ثانية حبيبها, ريثما تعود من جديد حبيبته, ما زالت في كل ساعة متأخرة من الليل تتساءل...ماذا تراه الان يفعل؟
اليوم عاد..
هو الرجل الذي تنطبق عليه دوما, مقولة اوسكار وايلد"خلق الانسان اللغة ليخفي بها مشاعره"...مازال كلما تحدث تكسوه اللغة, ويعريه الصمت بين الجمل.
وهي ما زالت انثى التداعيات.تخلع وترتدي الكلمات عن ضجر جسدي..على عجل.
هيذي عارية الصوت...تكسو كلمات اللقاء بالتردد بين سؤالين.
تحاول كعادتها ان تخفي بالثرثرة بردها امامه.
كادت تسأله: لماذا ألبس ابتسامته معطفا للصمت, اليوم بالذات, بعد شهرين من القطيعة؟
ثم فكرت في سؤال اخر: أينتهي الحب عندما نبدأ بالضحك من الاشياء التي بكينا بسببها يوما؟
وقبل ان تسأل. بدا لها وكأنه غير مكترث الا بصمتها امام ضحكتها.لحظتها فقط تنبهت الى انه لم يكن يرتدي معطفا.
الحزن لا يحتاج الى معطف مضاد للمطر. انه هطولتا السري الدائم. وبرغم ذلك , هاهي اليوم تقاوم عادتها في الكلام. وتجرب معه الصمت, كما يجرب معها الان الابتسام.
الابتسامة الغائبة, صمته. او لغته الاخرى التي يبدو وكأنه يواصل بها الحديث الى نفسه لا الى الاخرين. ويسخر بها من اشياء يعرفها وحده.
الذي يخفيه عنها, كثيرا ما أثار حزنها. اما الذي يثير فضولها, فلماذا تخلى عنها ذات يوم بين جملتين ورحل؟
تذكر أنه , يومها اطبق على الحزن ضحكة ومضى. دون ان تعرف تماما ماذا كان ينوي ان يقول؟
لاتريد ان تصدق انه تخلى عنها, لانها رفضت يوما ان ترافقه الى مشاهدة ذلك الفيلم الذي كان يستعجل مشاهدته.
سألته أهو فيلم عاطفي.....اجاب "لا" .
سألته أهو فبلم ضاحك...اجاب "لا" .
ولماذا تريد ان نذهب لمشاهدته اذن؟
لانني احب كل ما يثير فيي البكاء.....
ضحكت يومها. استنتجت انه رجل غريب الاطوار, لايعرف كيف يتدبر أمر حب.
وهي لاتصدق ايضا ما قاله مرة, من ان مأساة الحب الكبير , أنه يموت دائما صغيرا.
بسبب الامر الذي نتوقعه الاقل.
أيعقل ان يكون حبها قد مات , فقط لانها لم تشعر برغبة في ان تبكي معه , في عتمة صالة سينما ؟
وانما كانت تفضل لو دعاها الى مكان أمن , بعيدا عن فضول الاخرين , يمكنهما فيه ان يعيشا اشتعالات عالية.....
ما تعتقده , هو كونه اراد اذلالها , كي يضمن امتلاكها....وربما ظن ان على الرجل اذا اراد الاحتفاظ بامرأة, ان يوهمها انه في اية لحظة يمكنه ان يتخلى عنها...
أما هي, فكانت دائما تعتقد ان على المرأة ان تكون قادرة على التخلي عن اي شيء لتحتفظ بالرجل الذي تحبه...
وهكذا تخلت ذات يوم عن كل شيء وجاءته.
فلم تجده..........
.....................................................................ز
ذات يوم.. لم يكن أجمل من عينيك سوى عينيك. فما أشقانيوما أسعدني بهما!
هل تغيرت عيناك أيضاً.. أم أن نظرتي هي التي تغيرت؟ أواصل البحث في وجهك عن بصمات جنوني السابق. أكاد لا أعرف شفاهك ولا ابتسامتك وحمرتك الجديدة.
كان لا بد أن أضع شيئا من الترتيب داخلي.. وأتخلص من بعض الأثاث القديم . إنَّ أعماقنا أيضا في حاجة إلى نفض كأيّ بيت نسكنه ولا يمكن أن أبقي نوافذي مغلقه هكذا على أكثر من جثة ..
إننا نكتب الروايات لنقتل الأبطال لا غير, وننتهي من الأشخاص الذين أصبح وجودهم عبئاً على حياتنا. فكلما كتبنا عنهم فرغنا منهم... وامتلأنا بهواء نظيف ..."
لم أكن أتوقع يومها انك قد توجهين يوما رصاصك نحوي .
كل شيء.. حتى اسمك .
وربما كان اسمك الأكثر استفزازا لي, فهو مازال يقفز إلى الذاكرة قبل أن تقفز حروفه المميزة إلى العين .
اسمك الذي .. لا يُقرأ وإنما يُسمع كموسيقى تُعزف على آلة واحدة من أجل مستمع واحد.
كيف لي أن أقرأه بحياد, وهو فصل من قصة مدهشه كتبتها الصدفة, وكتبها قدرنا الذي تقاطع يوما؟
في الحروب, ليس الذين يموتون هم التعساء دائما, إنّ الأتعس هم أولئك الذين يتركونهم خلفهم ثكالى, يتامى, ومعطوبي أحلام .
فالجوع إلى الحنان، شعور مخيف وموجع، يظل ينخر فيك من الداخل ويلازمك حتى يأتي عليك بطريقة وبطريقة أو بأخرى.
هناك شيء اسمه "سلطة الاسم".
وهناك أسماء عندما تذكرها، تكاد تصلح من جلستك، وتطفئ سيجارتك. تكاد تتحدث عنها وكأنك تتحدث إليها بنفس تلك الهيبة وذلك الانبهار الأول.
فأحسد المآذن، وأحسد الأطفال الرضّع، لأنهم يملكون وحدهم حق الصراخ والقدرة عليه، قبل أن تروض الحياة حبالهم الصوتية، وتعلِّمهم الصمت.
لا أذكر من قال "يقضي الإنسان سنواته الأولى في تعلم النطق، وتقضي الأنظمة العربية بقية عمره في تعليمه الصمت!".
بعدها حسدت تلك الدمعة المفاجئة في عينيه، والتي رفع بها أمي إلى مرتبة الشهداء. فلم يحدث لي أن رأيت (سي الطاهر) يبكي سوى الشهداء من رجاله. وتمنيت طويلاً بعد ذلك أن أمدد جثماناً بين يديه، لأتمتع ولو بعد موتي بدمعة مكابرة في عينيه.
كانت تلك أول مرة سمعت فيها اسمك.. سمعته وأنا في لحظة نزيف بين الموت والحياة، فتعلقت في غيبوبتي بحروفه، كما يتعلق محموم في لحظة هذيان بكلمة..
كما يتعلق رسول بوصية يخاف أن تضيع منه..
كما يتعلق غريق بحبال الحلم.
لقد اعترف لي أنَّه رجل ضعيف؛ يحنّ ويشتاق وقد يبكي ولكن، في حدود الحياء، وسراً دائماً. فليس من حقّ الرموز أن تبكي شوقاً.
معجزة صغيرة للأمل.. كانت أنتِ.....
........................................
في هذه اللحظة.. أكره هذا الجانب الفضولي والمحرج للشمس.
أريد أن أكتب عنك في العتمة. قصتي معك شريط مصور أخاف أن يحرقه الضوء ويلغيه، لأنك امرأة نبتت في دهاليزي السرية..
لأنك امرأة امتلكتها بشرعية السرية..
لا بد أن أكتب عنك بعد أن أسدل كلّ الستائر، وأغلق نوافذ غرفتي.
وأدري..
أدري أنَّك تكرهين الأشياء المهذّبة جداً.. وأنَّك أنانية جداً.. وأن لا شيء يعنيك في النهاية، خارج حدودك أنت.. وجسدك أنت.
ولكن قليلاً من الصبر سيّدتي.
فأغفر لك لحظتها كلّ خطاياك.
أنت التي تعلقتِ بي لتكتشفي ما تجهلينه.. وأنا الذي تعلّقت بك لأنسى ما كنت أعرفه.. أكان ممكناً لحبنا أن يدوم؟
فيرتبك القلب الذي أحبّك حدّ الجنون
كنت أندهش وقتها، وأنا أكتشف فيه رجلاً آخر لا أعرفه.
رجل بثياب أخرى، بابتسامة وكلمات أخرى، وبجلسة يسهل له فيها إجلاسك على ركبته طوال الوقت لملاعبتك.
كان يعيش كل لحظة بأكملها، وكأنه يعتر من الزمن الشحيح كل قطرات السعادة؛ وكأنه يسرق من العمر مسبقاً، ساعات يعرفها معدودة؛ ويمنحك مسبقاً من الحنان زادك لعمر كامل.
قصة فرعية، كتبت مسبقاً وحولت مسار حياتي بعد عمر بأكمله، بحكم شيء قد يكون اسمه القدر، وقد يكون العشق الجنوني..
ذاك الذي يفاجئنا من حيث لا نتوقع، متجاهلاً كلّ مبادئنا وقيمنا السابقة.
والذي يأتي متأخراً.. في تلك اللحظة التي لا نعود ننتظر فيها شيئاً؛ وإذا به يقلب فينا كلّ شيء.
كان لا بد أن أكتب من أجلك هذا الكتاب، لأقول لك ما لم أجد متَّسعاً من العمر لأقوله.
"إذا كنت عاجزاً عن قتل من تدّعي كراهيته، فلا تقل إنَّك تكرهه: أنت تعهّر هذه الكلمة!".
كان يوم لقائنا يوماً للدهشة..
لم يكن القدر فيه هو الطرف الثاني، كان منذ البدء الطرف الأول.
وبرغم ذلك، لست من الحماقة لأقول إنني أحبتك من النظرة الأولى. يمكنني أن أقول إنني أحبتك، ما قبل النظرة الأولى.
كان فيك شيء ما أعرفه، شيء ما يشدني إلى ملامحك المحببة إليّ مسبقاً، وكأنني أحببت يوماً امرأة تشبهك. أو كأنني كنت مستعداًَ منذ الأزل لأحبّ امرأة تشبهك تماماً.
كان وجهك يطاردني بين كلّ الوجوه، وثوبك الأبيض المتنقّل من لوحة إلى أخرى، يصبح لون دهشتي وفضولي..
رفعت عيني نحوك لأول مرة.
تقاطعت نظراتنا في نصف نظرة.
كنت تتأملين ذراعي الناقصة، وأتأمل سواراً بيدك.
كان كلانا يحمل ذاكرته فوقه..
وكان يمكن لنا أن نتعرف على بعضنا بهذه الطريقة فقط. ولكن كنت لغزاً لا تزيده التفاصيل إلا غموضاً. فرحت أراهن على اكتشافك. أتفحصك مأخوذاً مرتبكاً.. كأنني أعرفك وأتعرف عليك في آن واحد.
وربّما في ابتسامتك الغامضة وشفتيك المرسومتين بأحمر شفاه فاتح كدعوة سريّة لقبلة.
من منكما تلك الصغيرة التي قبّلتها نيابة عن أبيها، ولا عبتها ودلّلتها نيابة عنه؟
يوم انتظرته طويلاً لسبب لا علاقة له بك..
وحسبت له ألف حساب لم تكوني ضمنه..
وتوقَّعت فيه كل المفاجآت إلا أن تكوني أنت مفاجأتي.
لم تكن محاولة للإبداع ولا لدخول التاريخ. كانت محاولة للحياة فقط، والخروج من اليأس
فوحده المثقَّف يعيد النظر في نفسه كلّ يوم، ويعيد النظر في علاقته مع العالم ومع الأشياء كلما تغيّر شيء في حياته..
ومصادفتك أجمل ما حلّ بي منذ عمر