- البلوغ : الحضانة مهمة شاقة لا يتحمل مسؤولياتها و تبعاتها إلاّ
الكبار ، بل أن وظائفها لا يقوم بها إلاّ هؤلاء ، إذ يشترط في الحاضن
البلوغ لأن الحضانة من باب الولاية و الصغير ليس من أهل الولاية .
أما استحقاق المراهقة للحضانة فلأنّها بالغة حكما ، إذا ادّعت البلوغ و هي
ان ادّعت البلوغ بالعلامات آانت بالغة ما دام أن الظاهر يشهد بصدق
ادّعائها ، و آون البلوغ شرط في الحاضنة ، شرطٌ سار عليه سائر الفقهاء
، لأن الطفل محتاج إلى من يخدمه و يقوم على شؤونه ، فكيف يكون له
أن يتولى شؤون غيره .
و البلوغ شرط أساسي لاستحقاق الحاضن للحضانة ، لأن به اآتمال
الإرادة عادة
و القضاء الجزائري اعتبر البلوغ من شروط استحقاق الحضانة باعتباره
متفق عليه لدى فقهاء الشريعة الإسلامية .
3- الأمانة على الأخلاق : الأمانة صفة في الحاضن يكون بها أهلا
12
لممارسة الحضانة و بيئة مصاحبة للمحضون ، تضمن حدّا أدنى من
التربية السليمة للصغير إذ تسقط الحضانة إذا أُلقيَ بالصغير في بيئة سيئة
مصاحبة له تؤثر عليه سلبا و تثير الشكوك حول سلامة تربيته ، و المناط
في سقوط الحضانة مصلحة الصغير و حمايته من الضياع و صيانته من
الإهمال ، حتى قال بعض الفقهاء : " إن الحاضنة لو آانت آثيرة الصلاة
قد استولت عليها محبة الله تعالى و خوفه حتى شغلاها عن الولد و لزم
ضياعه نُزعَ منها وسقطت الحضانة عنها . "
وعليه فلاحضانة لغير أَمِين على تربية الولد وتقويم أخلاقه آالفاسق مثلا
رجلا آان أو امراة من سِِّكير أو مشتهر بالزنا أو اللهو الحرام ، في حين
أن في هذه المسألة قيَّد الشيخ ابن عابدين الفسق المانع من حضانة الأم
ذلك الفسق الذى يضيع به الولد إذ يكون لها الحضانة ولو آانت معروفة
عنده بالفجور ما لم يصبح الولدفي سن يعقل فيه فجورأمه. ففي هذه الحالة
وإن أصبح يعقل فجورها ينتزع منها الولد صونا وحفاظا لأخلاقه من
الفساد لأنّها غير أمنية عليه .أما الرجل الفاسق فلا حضانة له .
آما أنه قيل أنّ الحاضنة إذا آانت تخرج آل وقت وتترك الولد ضائعا
فإنها تكون غير مأمونة عليه ،فلا تكون لها حضانته إذ ليست أهلا لها .
ولقد تشدّد القضاء الجزائري في اعتبار الأمانة شرطا جوهريا في
الحاضن وتكرّس ذلك في العديد من أحكامه وقراراته ،إذ يرى أنّ
الحاضنة التي لا تقيم وزنا للأخلاق ولا تراعي حرمة للشرف لا تكون
أهلا للحضانة لأنها غير أمينة على نفس الطفل وأدبه وخلقه ،إذ ينشأ على
طريقتها ومتخلقا بأخلاقها .
فأسقط القضاء الحضانة عن الأم لأنّ المحيط الذي يعيش فيه الطفل غير
مأمون على أخلاقه حيث جاء في قرار المحكمه العليا : " أنّ عدم إبصار
الأم مانع لها من حضانة الأولاد الأربعة لعجزها عن القيام بشؤونهم و
مراقبتهم و السهر على تربيتهم و حمايتهم من الوقوع في زلات مشينة
آتلك التي قام بها أخ المطلقة الذي هتك عرض أختهم من أبيهم خاصة و
أنّ من المحضوضين بنتين إن ترآت حضانتهما لأمهما فلا يؤمن عليهما .
و يتشدد القضاء في موقفه هذا و أسقط حضانة الجدة للأم لأن الأم آانت
أخلاقها فاسدة ، فكما أُسقِطت الحضانة عن الأم لفساد أخلاقها و سوء
13
تصرفها يسقط حق أمها في الحضانة ، إذ آذلك الأم التي لا تقدر على
تربية ابنتها لا تستطيع تربية المحضون وآبح جماحه ، وعليه فلا الأم
تستحق الحضانة ولا أمها لفقدان الثقة و الأمانة فيهما . "
والقول بأنّ الحاضنة ارتكبت فعلا فاحشا ، يجب إثباته بالطرق المعروفة
شرعا وهي أربعة شهود عدول من الرجال ، أو اعترافها بالفعل المنسوب
إليها لأن الإعتراف سيد الأدلة .
1القدرة على التربية: يقصد بالقدرة الإستطاعة على صيانة الصغير في /
خلقه وصحته ، إذ لا حضانة لعاجز لكبر السن أو مرض أو شغل ،
فالمرأة المحترفة أو العاملة إذا آان عملها يمنعها من تربية الصغير
والعناية بأمره لا تكون لديها أهلية الحضانة ، أما إذا آان عملها لا يحول
) دون رعاية الصغير وتدبير شؤونه حينئذ لا يسقط حقها في الحضانة ( 1
.
إذ يرى أغلب الفقهاء أنه لا حضانة لكفيفة أو ضعيفة البصر ولا لمريضة
مرضا معديا أو مرضا يعجزها ويمنعها عن القيام بشؤون الصغير ولا
لمتقدمة في السن تقدما يجعلها بحاجة إلى رعاية الغير لها، ولا لمهملة
لشؤون بيتها آثيرة المغادرة له ، حيث أنه يخشى من هذا الإهمال ضياع
الطفل وإلحاق الضرر به أو لساآنة مع مريض مرضا معديا أومع من
يبغض الطفل ولو آان قريبا له إذ لا تتوفر له الرعاية الكافية والجو
الصالح الملائم لتربيته .
فالمالكية والشافعية والحنابلة يدخلون العمى في مانع العجز، وينيطون
حضانة العمياء وغيرها من العاجزات بقدرتها على القيام بشؤون
المحضون ولو آان ذلك بمساعدة غيرها ، أما إذا منعها شيء من ذلك عن
رعاية شؤون المحضون فلا تكون لها الحضانة .
وعليه فإنّ الفقهاء لم يشترطوا لأهلية الحضانة سوى قدرة الحاضنة على
رعاية الصغير و الإشراف على تربيته و المحافظة عليه و لم يشترطوا
الإبصار بل أوجبوا توافر صفات ترجع إلى المحافظة على الصغير وتوفر
راحته .
أما عن موقف القضاء الجزائري في اعتبار القدرة شرط أساسي في
ممارسة الحضانة فيظهر جليا في العديد من قرارات المحكمة العليا إذ جاء
14
في أحدها أنّ القدرة على التربية شرط ضروري لأداء واجبات الحضانة
فلا حضانة لكفيفة أو مريضة مرضا معديا أو مرض يُعجز عن القيام
بشؤون التربية و على القاضي اللجوء إلى الخبرة للوصول إلى الحكم
النّزيه
و تقدير مدى عجز الحاضنة . "
و جاء في قرار آخر : " أن الشارع اشترط في الحاضن عدة شروط من
بينها الكفاية و الصحة فلا حضانة لعاجز ذآر أو أنثى لكبر السن أو
مرض لا يقدر معه على القيام بشؤون المحضون و لأنه هو نفسه في
حاجة إلى من يأخذ بيده . "
5- الإسلام : يرى الشافعية و الحنابلة أن الإسلام شرط لممارسة
الحضانة ، فلا تثبت الحضانة عندهم للحاضنة الكافرة للصغير المسلم
لأنها ولاية و لا ولاية لكافر على مؤمن لقوله تعالى : (( و لن يجعل الله
للكافرين على المؤمنين سبيلا )) . فهي آولاية الزواج و المال و لأنه
يخشى على دين المحضون من الحاضنة لحرصها على تنشئته على دينها
و هذا أآبر ضرر يصيب الطفل ، فعن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال:" آل مولود يولد على الفطرة إلا أن أبويه يهودانه أو ينصرانه أو
يمجسانه ."
إلاّ أنّ الحنفية و المالكية لم يشترطوا إسلام الحاضنة ،فيصح آون
الحاضنة آتابية أو غير آتابية سواء آانت أمًّا أو غيرها لأن الحضانة لا
تتجاوز إرضاع الطفل و خدمته ، و آلاهما يجوز من الكافرة ، و دليلهم
في ذلك ما روا ه أبو داود و النسائي : أن رافع بن سنان أسلم و أبت
امرأته أن تسلم فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : ابنتي – و هي
فطيم - أو شبهه و قال رافع : ابنتي ، فمالت إلى الأم ، فقال النبي صلى
الله عليه
و سلم: " اللهم اهدها " فمالت إلى أبيها فأخذها .
و لأن مناط الحضانة عندهم هي الشفقة و هي لا تختلف باختلاف الدين ،
لكن هؤلاء إختلفوا في مدة بقاء المحضون عند الحاضة غير المسلمة .
-فقال الحنفية : يبقى عندها إلى أن يعقل الأديان ببلوغه السن السابعة أو
يتضح أنه في بقائه معها خطر على دينه آالذهاب به إلى معابدها أو تعوده
15
على شرب الخمر وأآل لحم الخنزير .
-وقال المالكية : إنّ المحضون يبقى مع الحاضنة إلى إنتهاء مدة
الحضانة شرعا فإن خِيف على المحضون من الحاضنة أعطي حق الرقابة
إلى أحد المسلمين ليحفظ الولد من الفساد .
وتجدر الإشارة إلى أن الأحناف وإن رأوا جواز حضانة الكافرة إلا أنهم
إشترطوا أن لا تكون مرتدة ، لأن المرتدة تستحق الحبس حتى تتوب
وتعود الى الاسلام او تموت في الحبس فلا تتاح لها الفرصة لحضانة
الطفل ، فإن تابت وعادت عاد لها حق الحضانة .
أما عن موقف المشرع المشرع الجزائري في هذه المسألة فقد اآدت المادة
62 من قانون الاسرة الجزائري على ان يربى الطفل على دين ابيه , ولا
فرق بين المسلمة وغير المسلمة في مسألة الحضانة .
والواضح من خلال تفحص أحكام وقرارات القضاء الجزائري أنه تمسك
بوقف الإمام مالك رضي الله عنه حيث ساوى بين الأم المسلمة والغير
المسلمة في استحقاق الحضانة.آما انه اسقطت الحضانة عن أم مسيحية
لانها حاوت تربية ابنها وفق مبادئ دينها .
الفرع الثاني :الشروط الخاصة بالنساء
هناك جملة من الشروط الخاصة بالنساء يمكن سردها فيما يلي :
1- ألاّ تكون متزوجة بأجنبي عن الصغير أو بقريب غير محرم منه :
اختلف الفقهاء في حكم تزوج الحاضنة بالأجنبي عن المحضون على آراء
منها :
أ - قولهم أن الحضانة تسقط بالتزوج مطلقا، سواء آان المحضون ذآرا أو
أنثى ، و هو ما ذهب إليه آل من الأئمة الأربعة : مالك و الشافعي ، و أبو
حنيفة و أحمد في المشهور عنه، و حجتهم في ذلك ما رواه عبد الله بن
عمرو : ( أ ن امرأة قالت : يا رسول الله إنّ ابني هذا آان بطني له وعاء
و حجري له حواء و ثديي له سقاء و زعم أبوه أنّه ينزعه منّي فقال صلى
الله عليه
و سلم : " أنت أحق به ما لم تنكحي " فهذا الحديث جعل لها حق الحضانة
حتى تتزوج ، و عندها لا يكون لها هذا الحق و آذلك إجماع الصحابة
16
على أن الحضانة للأم حتى تتزوج، فتسقط عنها و يدل على ذلك خبر
عمر بن الخطاب في النزاع حول ابنه عاصم فقد قال له الصديق أبو بكر :
إنّها أحق به ما لم تتزوج ، و قد وافقه عمر رضي الله عنه على هذا الحكم
و آان بحضور الصحابة و لم ينكر عليه أحد ذلك ، و على حكم أبي بكر
سار القضاة ابتداء من شُريح لا يختلفون فيه زمانا و مكانا .
ب- و قيل إن الحضانة لا تسقط بالتزوج مطلقا سواء آان المحضون ذآرا
أو أنثى ، وهذا الرأي أآّد عليه الحسن البصري وهو قول ابن حزم
الظاهري وحججهم في ذلك الحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه قال:
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وليس له خادم، فأخذ أبو طلحة
بيدي ، وانطلق بي إلى رسول اله صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله
إنّ أنس غلام آَيِّسٌ فليخدمك ، قال : فخدمته في السفر والحضر ... ، وإنّ
أنسًا آان في حضانة أمّه ، ولها زوج وهو أبو طلحة، بعلم رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو لم ينكر ذلك ، وحجتهم آذلك أن أم سلمة لما
تزوجت برسول الله صلى الله لم تُسْقِطْ بزواجها آفالتها لبنيها . فإن
تزوجت الحاضنة بقريب محرم من الصغير مثل عمه فإن حضانتها لا
تسقط لأن العم صاحب حق في الحضانة و له من صلته بالطفل و قرابته
منه ما تحمله على الشفقة و رعاية حقه ، فيتمّ بينهما التعاون على آفالته ،
و هذا على عكس الأجنبي فإنها إذا تزوجته لا يعطف عليه و لا يمكنها من
العناية به ، و عليه فالصغير لا يجد الجو الرحيم و لا الظروف المساعدة
التي تنمي ملكاته
و مواهبه ، لأن الحاضنة قد أمسكته عند الأجنبي قد يبغضه و يقسو عليه
و لا يؤدبه .
أما عن موقف المشرع الجزائري في هذه المسألة ،تنص المادة 66 من
قانون الأسرة الجزائري على أنه : " يسقط حق الحاضنة بالتزوج بغير
قريب محرم و بالتنازل ما لم يضر بمصلحة المحضون . "
وعليه يستشف من هذه المادة أن حق الحاضنة يسقط بزواجها بالأجنبي
و بقريب غير محرم ، و لقد آرست المحكمة العليا هذا المبدأ في العديد
من قراراتها منها ما جاء في أحدها: " من المقرر في أحكام الشريعة
الإسلامية أنه يشترط في المرأة الحاضنة و لو آانت أما أن تكون خالية
من الزواج أما إذا آانت متزوجة فلا حضانة لها لانشغالها عن المحضون
17
، مما يستوجب معه نقض القرار . " .
و الملاحظ أن موقف المشرع الجزائري أخذ بموقف الجمهور .حيث
أسقط الحضانة عن الحاضنة لزواجها بغير ذي رحم للمحضون ، و
للقاضي السلطة التقديرية الواسعة في مراعاة مصلحة المحضون .
و عليه و خدمة لمصلحة المحضون دائما فإن سقوط الحضانة بزواج
الحاضنة بغير قريب محرم عدم وجود من يحضن الطفل غير الأم : فبدل
تقع عليه عدة استثناءات منها - : المحضون في دار من ديار ϖ من وضع
الحضانة فإن حاضنته تكون أولى به رغم زواجها ، و آذلك الأمر إذا آان
من يليها في الحضانة غير مأمون على الطفل أو عاجزا على حضانته .
-ألاّ ينازع الأم في المحضون بعد زواجها أحد ممن لهم الحق في
الحضانة : و يبدأ حساب المدة من يوم الزواج إلى انقضاء السنة آاملة و
ذلك وفقا للمادة 68 من قانون الأسرة الجزائري .
-أن يترك الأب أو من يقوم مقامه المحضون لأمه عن تراض .
و تجدر الإشارة هنا إلى أن أغلبية الفقهاء يرون أن العقد وحده ليس سببا
في إسقاط الحضانة ، إذ لابد من الدخول بها حتى يتحقق الشرط .
و نشير أيضا أن الحاضنة إذا تزوجت و دخل بها زوجها ثم طُلقت أو مات
عنها قبل أن يعلم من تنتقل إليه الحضانة فإنه في هذه الحالة تستمر في
حضانة المحضون .
2- أن تكون ذات رحم محرم من الصغير : أي تكون الحاضنة رحما
محرما على المحضون آأم المحضون و أخته و جدته ، فلا حق لبنات العم
و العمة و بنات الخال و الخالة بحضانة الذآور لعدم المحرمية ،و لهن
الحق في حضانة الإناث و لا حق لبني الخال و الخالة و العم و العمة في
حضانة الإناث و لكن لهم الحق في حضانة الذآور .
3- عدم إقامة الحاضنة بالصغير في بيت يبغضه : يرى أغلب الفقهاء أن
سكن الحاضنة مع من يبغضه الصغير يعرضه للأذى و الضياع ، فلا
حضانة للجدة إذا سكنت مع بنتها إذا تزوجت ، إلاّ إذا انفردت بسكن آخر
عنها
و هذا ما أورده المشرع الجزائري في المادة 70 من قانون الأسرة
الجزائري :
18
"تسقط حضانة الجدة أو الخالة إذا سكنت بمحضونها مع أم المحضون
المتزوجة بغير قريب محرم . "
و جاءت هذه المادة تكريسا لمصلحة المحضون ليتربى تربية سوية بعيدة
عن آل المشاآل التي تحيط بالطفل و تؤثر عليه سلبا في المستقبل .
4- ألاّ تكون قد امتنعت عن حضانته مجانا و الأب معسرا : إن امتناع
الأم عن تربية الولد مجانا عند اعسار الأب مسقط لحقها في الحضانة ،
فعدم الإمتناع يعتبر شرطا من شروط الحضانة .
فإذا آان الأب معسرا لا يستطيع دفع أجرة الحضانة و قبلت قريبة أخرى
تربيته مجانا سقط حق الأولى في الحضانة .
الفرع الثالث: الشروط الخاصة بالرجال
يشترط في الرجل الحاضن بالإضافة إلى شرط العقل
و الأمانة و الإستقامة شروط خاصة بالرجال فقط و هي :
1- أن يكون الحاضن محرما للمحضون إذا آانت أنثى ، و لقد حدد
الحنابلة و الحنفية سنّها بسبع سنين تفاديا أو حذرا من الخلوة بها لانتهاء
المحرمية ، و إن لم تبلغ الطفلة حد الفتنة و الشهوة أعطيت له بالإتفاق ،
لأنه في حالة بلوغها هذه المرحلة من الشهوة فلا يكون لابن العم حضانة
ابنة عمه المشتهاة ، و أجازها الحنفية إذا لم يكن لبنت العم غير ابن العم،
و إبقائها عنده بأمر من القاضي إذا آان مأمونا عليها و لا يخشى عليها
الفتنة منه .
2- اتحاد الدين بين الحاضن و المحضون لأن حق الرجال في الحضانة
مبني على الميراث و لا توارث بين المسلم و غير المسلم ، و ذلك إذا آان
الولد غير مسلم و آان ذو الرحم المحرم مسلما، فليس له حق الحضانة بل
حضانته إلى ذوي رحمه المحارم من أهل دينه ، و إذا آان الولد مسلما و
ذو رحمه غير مسلم ، فليست حضانته إليه لأنه لا توارث بينهما ، إذ قد
بُنيَ حق الحضانة في الرجال على الميراث .
المطلب الثالث: ترتيب أصحاب الحق في الحضانة في ظل المادة 64 من
19
قانون الأسرة الجزائري
من المعلوم أن الفقهاء قدموا الحواضن بعضهن على بعض بحسب
المحضون ، فجعلوا الإناث أليق بالحضانة على حساب الرجال لأنهن
أشفق و أهدى إلى التربية و الرعاية و أصبر على القيام بها، و أشد
ملازمة للأطفال ، ثم قدموا في الجنس الواحد من آان أشفق و أقرب ، ثم
الرجال العصبات المحارم ،و اختلفوا أحيانا في ترتيب الدرجات بحسب
ملاحظة المصلحة على النحو التالي ، علما بأن مستحقي الحضانة إما إناثا
و إما ذآورا و إما الفريقان ، و ذلك في سن معينة ، فإذا انتهت تلك السن
آان الرجل أقدر على تربية الطفل من النساء .
لقد حددت المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري ثلاثة أصناف من
مستحقي الحضانة يقدم فيه صنف على آخر فنصت على أن : " الأم أولى
بحضانة ولدها ، ثم أمها ، ثم الخالة ، ثم الأب ثم أم الأب ، ثم الأقربون
درجة مع مراعاة مصلحة المحضون في آل ذلك و على القاضي عندما
يحكم بإسناد الحضانة أن يحكم بحق الزيارة . "
الفرع الأول: الأم و من يليها من قريباتها
الولاية على الطفل نوعان ، ولاية على النفس و ولاية على المال ،
فالولاية على المال هي الإشراف على شؤون القاصر المالية من استثمار،
و تصرفات آالبيع و الإيجار و الرهن و غيرها ، فهذا النوع يقدَّم فيه الأب
على الأم و من في جهتها ، و الولاية على النفس هي الإشراف على
شؤون القاصر الشخصية من رعاية الصحة و التأديب و التهذيب و النمو
الجسمي ، و التعليم و التثقيف في المدارس و نحو ذلك و عليه فإن ترتيب
الحاضنات يكون على النحو التالي :
أولا : الأم
الأم أحق بحضانة الولد بعد الفرقة بطلاق ، أو وفاة بالإجماع لوفور
شفقتها ، و دليل تقديم الأم من السنّة : ما روي أن امرأة جاءت إلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقالت له : (( يا رسول الله إن ابني هذا آان
بطني له وعاءا ، و ثديي له سقاءا ، و حجري له حواءا ، و إن أباه طلقني
20