هي أحد أهم الولايات الجزائرية لامتدادها التاريخي فهي أحد أهم المدن في أول دولة إسلامية في المغرب العربي "الدولة الرستمية" وكانت المدينة وقتها تسمى "واركلان" لتتغير لكنة نطقها بالبربرية الآن بـ"وارجلان"أي بمعنى واد العبيد بالبربرية لما لها من سيط في تجارة العبيد قديما حيث جمع سكانها الذين عمرو مدينة "سدراته" أحد قصورها الصحراوية ثروة كبيرة من خلال الخط التجاري الذي نشطوه مع أفريقيا العميقة، وثانيا لانها مصدر الثروة البترولية للجزائر وسميت مدينة ورقلة حديثا والتي سكنت منذ فجر التاريخ وشكلت العاصمة الإقليمية للجنوب الشرقي منذ الفترة العثمانية. سميت ولاية الواحات إبان الاستقلال وضمت جميع مدن الجنوب الشرقي من الأغواط شمالا إلى تمنراست جنوبا لتكتفي بعد التقسيم الإداري لعام 1984 بثلاث مدن كبرى هي ورقلة عاصمة الولاية وحاسي مسعود القطب الصناعي وتقرت التي تعتبر قطبا هاما من أقطاب الصناعة. تبعد عن العاصمة الجزائرية ب 820 كلم، ولا زالت آثارها القديمة والتاريخية راسخة في سكانها حيث تلمس الصبغة المتأصلة لثراتها بمجرد زيارة القصر العتيق الذي بناه أحفاد الرستميين ومن خلال زيار المدينة الأثرية لسدراته المدفونة تحت الرمال على بعد 6 كلم من مدينة ورقلة.
الخصائص الجغرافية و العمران Caractères géographiques et peuplement
المعطيات الجغرافية
Donnés Géographiques
الموقع الفلكي : تقع ورقلة على خط عرض (31° 58'شمالا) وخط طول (5° 20'شرقا)
• حوض ورقـــلة La cuvette de Ouargla
يقع حوض ورقلــة في الجنوب الشرقي للجزائر و هو جزء من المنخفض الصحراوي الكبير ، يبلغ طوله 30 كلم ،و عرضه يتراوح بين 12 و 18 كلم . وارتفاعه بين 103 و 150 م فوق مستوى سطح البحر ، يمتد بين هضبتين ، الأولى تحّده من الغرب ، ارتفاعها 230م ، و الثانية من الشرق بإرتفاع يناهز 160م . و هي متصلة برمال العرق الشرقي الكبير .
واحــــة ورقــــلة L’Oasis de Ouargla
ورقـلة واحة رائعة الجمال ، تحيط بساتين النخيل بالمدينة القديمة (القصر العتيق )، تعتبر ورقلة هبة وادي مّية بفضل مجاريه الباطنية التي توفّر مياه جوفية هائلة . و قد عرفت أهمية وادي مـيّة منذ القدم و لعل أبن يخلدون كان يقصد وادي ميّة فيما كتبه :
" .......و ينبع مع النهر من فوهته نهر كبير ينحدر ذاهبا إلى بوده ثم بعدها إلى ثمطيت و يسمى لهذا العهد كـير، عليه قصورها ثم يمر إلى أن يصب في القفار و يروغ في قفارها و يغور في رمالها،قصر ذات نخل تسمى »واركـــلان «
تاريخ أبن خلدون ج6 ص 212-213
8 المنـــاخ : LE CLIMAT
درجة الحرارة :
مناخ منطقة ورقلة ، صحراوي جاف، ودرجات الحرارة بها مرتفعة صيفا حيث تتجاوز (41°) في المتوسط ، وتنخفض شتاء ،و لاسيما أثناء الليل ، فالمناخ هنا قاري يتميز بفوارق حرارية،(يومية و فصلية ) معتبرة ، تصل إلى حدود (30°)مئوية .
الأمطار :
مناخ ورقلة يتميز بندرة الأمطار ( 49 مم ) في المتوسط و هي كغيرها من المناطق الصحراوية ، تفتقر للغطاء النباتي الطبيعي، و لكنها بالمقابل غنية ببساتين النخيل ،فهي واحة بديعة المناظر .
الرياح الموسمية :
تهب على ورقلة عواصف رمليــة موسمية بين شهري ( فبراير و أفريل )،و تبلغ ذروتها في شهر مارس ، وغالبا ما تتسبب في خسائر فادحة تصيب الزرع و الماشية ، ويبدأ الجو في التحسن ابتدأ من شهر سبتمبر عندما يتغير اتجاه الرياح ،لتصبح شمالية شرقية، و هي معروفة محليا بإسم ( البحـري ) ، و هي غالبا ما تكون محملة بشيء من الرطوبة فتعمل على تلطيف الجو و لاسيما ليلا .
يرحب سكان المنطقة كثيرا بهذه الرياح فهي تساعد على تلقيح أشجار نخيلهم، كما يرحبون بالحرارة أثناء النهار لكونها عاملا أساسيا في نضج تمارها.
صفحات من تاريخ ورقلة المعطيات التاريخية Donnés Historiques 1 _ عصور ما قبل التاريخ*
المراد بهذه التسمية عصور ما قبل التاريخ ، الفترة الواقعة بين ظهور الإنسان واكتشاف الكتابة. تجب الإشارة إلى أنه، لا تتوفر لدينا بالنسبة لهذه الحقبة من تاريخ البشرية وثائق و مدونات مكتوبة يمكنها أن تروي لنا قصة البشرية ، لكنه لدينا مخلفات و آثار يمكننا الاعتماد عليها كشواهد صامته ولكنها في نظر العديد من العلماء أكثر مصدقيه مما هو مكتوب و مدوّن ، لأنها منزّهة من الزيف الذي يتعمده الإنسان في الكثير من الحالات لدى تدوينه لتاريخه ، وتعد هذه الآثار و المخلفات أهم مصادر المعرفة لعصر ما قبل التاريخ .
متى ظهر الإنسان في حوض ورقلة ؟
ظهور الإنســـان في منطقة ورقلة
دلّت الحفريات على أن الإنسان ظهر في منطقة ورقلة في الحقبة الأولى من البلاستوسين ، حيث مرت بالصحراء ظروف مناخية متقلبة جعلت من الصحراء القاحلة الآن، جنة خضراء، غنية بالبحيرات والأنهار لمئات الآلاف من السنين. ثم أعقبت ذلك موجة من الجفاف امتدت كذلك آلافاً عديدة من السنين. لقد حدث هذا التعاقب خمس مرات خلال الحقبة المذكورة ( البلاستوسين) .
إن فترة الجفاف التي نعيشها الآن بدأت منذ حوالي عشرة آلاف عام، حيث بدأت الأنهار تنضب والبحيرات تجفّ أو تهاجر وتستند معرفتنا عن العصر الحجري القديم الأوسط و الحديث .Néolithique ( 000. 35- 000. 50 ) في منطقة ورقلة ، على ما قدمته لنا بعض الحفريات المنهجية من معلومات وأدوات ترجع لهذه الفترة ، وما عثر عليه، كان نتيجة لعمليات المسح الأولية ( ملتقطات سطحية). ويدل الظهور المبكّر ووفرة الأدوات الحجرية الهلالية الدقيقة، وحجر الرحى في مناطق شاسعة من الصحراء الكبرى، على أن الزراعة بدأت قبل أن تبدأ موجة الجفاف الحديثة التي أدت إلى ظهور الصحراء بشكلها وصورتها التي نعرفها اليوم.
العمران في حوض ورقلــة :
و*- في الثمانيات من القرن العشرين ثم اكتشاف العديد من الأدوات و الأسلحة و رؤوس السهام تعود للعصر الحجري القديم ( le Paléolithique) في حوض عرق التوارق 20كلم جنوب مدينة ورقلة الحالية ، عمر هذه الأدوات يتراوح بين 200ألف و 100ألف سنة ، و هي معروضة في متحف باردو بالجزائر العاصمة .
* كما تم اكتشاف مجموعة كبيرة من الأدوات تعود إلى العصر الحجري الحديث و العصر الحجري الأخير Le Néolithique و L’Epipaléolithique ، في كل من حوض الحمراية و برج ملالة و منقش و الآبار القديمة و منطقة البيضة المزخرفة و في البيضتين و حاسي مويلح و حاسي الحجر.
بالإضافة إلى أدوات حجرية أخرى اكتشفت في برج ملالة يتراوح عمرها بين 3750 و 2400 سنة و أدوات أخرى اكتشفت في الحقل المسمى الكثبان Les dunes أو ( القنيفيدة ) ، يناهز عمرها 5400سنة .
جذور سكان ورقلـــة التاريخية
أصل سكان منطقة ورقــلة في عصر ما قبل التاريخ:
إبان الألفية التاسعة قبل الميلاد ، ظهر بالمنطقة الصحراوية ، جنس من البشر قريبون أنتربولوجيا من سكان شمال أفريقيا الحاليين ، ومن المحتمل أن هذا الإنسان الأول الذي أطلق عليه اسم " كـابسيCapsien ) " ) نسبه لكابسا Capsia الإسم القديم لقفصة الحالية في تونس .
ويعتقد أن الحضارة الكبسية La civilisation capsienne قادمة من بعيد ، و لا يمكننا تحديد أصولها بدقة و يعتقد أنهم من أصل شرقي ، شكلوا إحدى مكونات العرق الأمازيغي ، انتشروا في البداية في الناحية الشرقية و الوسطى ، ثم امتدوا نحو الصحراء .هذه المنطقة التي أثريت بروافد بشرية أخرى قادمة من الجنوب فقد تم اكتشاف هياكل عظمية في مدافن و قبور ، أثبت البحث العلمي المتقدم أنها لسكان زنوج نزحوا من الجنوب على أثر الجفاف الذي أجتاح الصحراء الكبرى منذ الألفية الثالثة .و ظلت هذه الموجات البشرية تفد حتى الألفية الثانية .
و لعل الغرامنتيون أسلافنا هم أول من عمّر هذه الأصقاع منذ ما يزيد عن سبعة ألاف سنة ولكن تاريخ ورقلة ارتباط بقبيلة بني وركلان البربرية . اللغة الأمازيغية
العائلة اللغوية : الأمازيغية ، حسب رأي جل الباحثين ، لغة حامية مثل اللغة المصرية القديمة ( الهيروغليفية )و غيرها من اللغات الحامية . اللهجات الأمازيغية : يتفرع عن الأمازيغية ما يقارب 11 لهجة أو تنوعا ، غير أن هذه اللهجات تلتقي و تتحد في القواعد الغوية ( النحو و الصرف ) المشتركة بينها ، بحيث يمكن للناطق بأحد اللهجات الأمازيغية أن يتعلم و يتكلم لهجة أمازيغية أخرى بكل سهولة .
وأهم لهجات الأمازيغية:التارقية و( تقبايليت )القبائلية و ( تاشاويت )الشاوية و( تشلحيت )الشلحية و تاريفيت ( الريفية ) و السوسية و الزواوية و الجبائلية و الغدامسية و السيوية ( في واحة سيوة المصرية )....الخ .
أما اللهجة الورقلية ( تقارقرنت ) فهي زناتية قريبة من الشلحية المنتشرة في جنوب المغرب .
ـ أولا : العنصر البربري
أول من سكن منطقة ورقلة من الأجناس المتبقية ، هم بنو ورقلان الذين ينتسبون إلى قبيلة ورقلان إحدى بطون قبيلة زناتة البربرية ،و هي قبيلة تحضّرت منذ فجر التاريخ بعد أن تخلّت عن حياة الترحال الذي عرفته من قبل ، و هم الذين أسسوا قصر ورقلة العتيق و أطلقوا عليه اسم قبيلتهم وهو لازال عامرا بخلفهم إلى يومنا ، هذا ما يؤكده العلامة أبن خلدون في كتابه الشهير " ديوان العبر ...... " في الفصل المعنون ب:" الخبر عن بني واركلا من بطون زناتة و المصر المنسوب إليهم بصحراء أفريقية و تصاريف أحوالهم " حيث يقول :
" بنو واركلا هؤلاء إحدى بطون زناتة .......وإن إخوانهم يزمرتن و منجصة و نمالتة المعروفون لهذا العهد : ومنهم بنو واركلا ، وكانت فئتهم قليلة، و كانت مواطنهم قبلة الزاب، واخطّوا المصّر المعروف بهم لهذا العهد على ثماني مراحل من بسكرة،على القبلة عنها ميامنة إلى الغرب.بنوها قصورا متقاربة الخطة ،ثم استبحر عمرانها، فأتلفت و صارت مصرا..