سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة و السلام و على آله و صحبه أجمعين.
أما بعد؛
فإن لله تعالى أسماء حسنى و صفات علا لا تليق إلا به, قال الله تعالى: { ولله الأسماءالحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون }. و تعلم أسماء الله الحسنى و معرفة معناها أصل عظيم من أصول الدين و من أشرف العلوم. و هذا العلم (إحصاء أسماء الله الحسنى) يتضمن ثلاثة مراتب, و هي: الحفظ, و الفهم, و الدعاء. فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " لله تسعةً وتسعون اسماً, مائةً إلا واحدة. لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة, و هو وتر يحب الوتر ". أي من حفظها و فهم معانيها و اعتقدها بقلبه و جوارحه و دعا الله بها و تعبد الله بمقتضاها, فإن له الجنة. و العلم بأسماء الله الحسنى له عظيم الأثر على الفرد و المجتمع و الأمة, فإن من آثارها: عبادة الله عز و جل و خشيته في الغيب و الشهادة, و تذوق حلاوة الإيمان, و محبة الله تعالى و الشوق إلى لقائه فأعرف الناس لله أشدهم حبا له. فيجب على المسلم الحرص على تعلم و إحصاه أسماء الله الحسنى و العمل بمقتضاها ليزيد من إيمانه و يقويه.
فمن أسمائه جل و علا ( الرحمن الرحيم )؛
قال الله تعالى: { الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم }. فالرحمن: هو ذو الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء, و الرحيم الموصل رحمته إلى من شاء من خلقه. فكل ما في هذه الدنيا من نعم هي من رحمة الله تعالى بنا, قال تعالى: { و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها }. و كذلك فإن لله تعالى رحمة في الآخرة لا تكون إلا لأهل التوحيد. فعلى المسلم أن يحمد الله تعالى على رحمته بعباده, و طاعته في كل ما أمر به و البعد عما نهى عنه. فيزيد من إيمانه, و يطبق ما تعلمه في حياته فيرحم المسلم أخيه المسلم و يعطف عليه, فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن, ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء". و لا ينسى دعاء الله تعالى بما يناسبه من الأسماء الحسنى, فيقول اللهم يا رحمن يا رحيم ارحم المسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات. فيحقق بذلك قول الله عز و جل: { ولله الأسماءالحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون }, و قال تعالى: { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى }.