هل الإدراك يتوقف على فاعلية الذات فقط؟
شعبة : آداب و فلسفة
مقدمة: طرح المشكلة :إدراك
المكان يطرح أمامنا مشكلة عويصة إن هذه الأشياء التي ندركها تملك امتدادا
في المكان أي أنها ممتدة ذات طول عرض و ارتفاع ثم أننا عندما ندركها ، فهي
لا تدخل في ذاتنا ,أي نفسنا المدركة ، و هذا يعني أن الشيء المدرك ممتد،
بينما الذات التي تدركه غير ممتدة . فكيف يمكن للذات التي هي غير ممتدة- أن
تدرك المكان الممتد ؟ هل الامتداد صفة محايثة للأشياء الخارجية أم أنه
مجرد فكرة عقلية لا غير؟ فإذا قلنا أن الامتداد صفة محايثة للأشياء المدركة
، فهذا يعني أن خصائص الأشياء الخارجية وعلاقاتها -أي العوامل الموضوعية –
هي التي تتحكم في عملية الإدراك. و بالتالي فعندما نحس بالشيء، فنحن لا
نحتاج إلى تدخل الفكر لكي ندركه، بل عندما يقع الإحساس يقع الإدراك، فلا
فرق بينهما إذن أما إذا قلنا أن الامتداد فكرة عقلية، فهذا يعني أنه عندما
يقع الإحساس يكون خاليا من أي معنى و بالتالي فحتى ندرك الأشياء في المكان
بمختلف أبعادها، ينبغي تدخل العقل و الخبرة السابقة و بالتالي فالعوامل
الذاتية هي التي تتحكم في عملية الإدراك الذي يصبح متميزا عن الإحساس و
لذلك ه..... عدة نظريات تحاول الإجابة على هذه المشكلة
الأطروحة: النظرية الذهنية (العقلية) : و هي ترى أن إدراك المكان فعل ذهني و ليس معطى مع الأشياء المدركة.
يميز
ديكارت Descartes: بين الأفكار التي هي أحوال ذاتية غير ممتدة ، و بين
الأشياء المادية التي هي امتدادات خارجية.و ما دام الإحساس حالة غير ممتدة
فهو لا يستطيع أن يعرفنا بالممتد. إن إدراك الأشياء الممتدة إنما يكون
بواسطة حكم عقلي يعطي للأشياء صفاتها و كيفياتها و الدليل على ذلك أن ما
دامت الموجات الضوئية تصطدم بالعين أثناء الإحساس البصري ، فالمفروض أن
ندرك الأشياء أمام أعيننا أو داخلها لكننا ندركها بعيدة. إذن إدراك البعد
فعل عقلي و حكم نصدره على الأشياء عن طريق المقابلة بين أبعادها الظاهرية.
باركلي
إن إدراك المسافات ليس فطريا بل هو راجع للتجربة، فالأعمى الذي تعود له
الرؤية فجأة سيرى الأشياء تصطدم بعينيه لأنه لا يملك تجربة سابقة عن
المسافة. قال باركلي :إن تقدير مسافة الأشياء البعيدة جدا ليس إحساسا بل
حكم مستند إلى التجربة".نحن لا ندرك الأشياء كما تعطيها حواسنا بل كما
يؤولها عقلنا و قد ذكر آلان مثال : Alain ج- آلان المكعب : فالمكعب الحقيقي
يملك 6 أوجه و 12 أضلع. لكن عند رؤيتك له ، فأنت لا ترى سوى 3 أوجه و
9أضلاع، فكيف تحكم عليه بأنه مكعب إذن ؟ لا شك أنك استندت إلى تذكرك
فاستنتجت بأنه مكعب. قال آلان :"الشيء يدرك و لا يحس به."يمكن تلخيص موقف
النظرية الذهنية في فكرتين أساسيتين هما يوجد فرق بين الإحساس و الإدراك
الذي هو وظيفة معقدة تنطوي على إحساسات مختلفة و عمليات عقلية معقدة
الإدراك تابع لعوامل عقلية ذاتية كالتذكر و التأويل و التخيل...
مناقشة الأطروحة:
غير أن هذه النظرية تعرضت لانتقادات من قبل بعض المدارس الحديثة منها
النظرية الألمانية الشكلية التي ترى أن الإدراك ليس مجموعة إحساسات جزئية، و
لا تأليفا بينها ، لأنه كامل منذ الوهلة الأولى ذلك أن الشيء المدرك هو
ذاته مقدم إلينا في أعماقه الخاصة و بالتالي فالعقل لا يضيف أي شيء كما
يدعي الذهنيون و إلا كيف نفسر صغار الدجاج الذين يحسنون تقدير البعد بينهم و
بين حبة القمح التي يلتقطونها و هم لا يملكون عقلا.
نقيض الأطروحة:
النظرية الشكلية الجشطالتية: و هي مدرسة نفسية ألمانية. كلمةGESTALT
تعني:شكل. و من زعماء هذه النظرية: فيرتيمر، كوفكا، كوهلر في ألمانيا، وبول
قيوم في فرنسا لا يوجد فرق بين الإحساس والإدراك:"الإدراك ليس مجموعة
إحساسات، بل كل إحساس هو منذ الوهلة الأولى إدراك كلي الإدراك ليس عملا
ذهنيا يعتمد على التأليف والذاكرة كما يدعي الذهنيون، بل إن العناصر معطاة
لحواسنا على صيغة شكل أي جشطالت. و من أهم أفكارها :
إدراك المسافات إن
إدراك المسافات ليس فعلا ذهنيا بل يتوقف على الشيء الذي يقدم لنا في أعماقه
الخاصة. إن رؤية العمق هو فعل بيولوجي يتوقف على إتحاد الصورتين المقدمتين
من طرف العينين.
الصيغة والأرضية:الصور ليست مضافة إلى المعطيات
الحسية بل هي محايثة لها ومعطاة معها في آن واحد.الأشياء تتمايز وفقا
لبنياتها الخاصة على خلفية غير متميزة و تنفصل على خلفية بمقتضى الصورة
الفضلى. و الصورة الفضلى – أو الصيغة – هي الأكثر ارتبــاطا و وحدة
وانسجاما بين أجزائها، مما يجعلها تبرز وراء خلفية – أو أرضية - غامضة. و
هكذا فالسفينة في البحر تبدو كصيغة أو صورة فضلى تبرز في المجال الإدراكي
وراء أرضية أو خلفية هي البحر.نحن لا ندرك الأجزاء ثم نركب بينها بل نحن
ندركها كليا لأنها معطاة على شكل صيغة تجعلنا ندركها على أنها بنية.
ج- قوانين إدراك الأشكال: تتحكم في الإدراك مجموعة من العوامل الموضوعية هي:
قانون
التقارب: إن الموضوعات المتقاربة في الزمان والمكان يسهل إدراكها قبل
غيرها.مثلا :إدراك الشكل (ب) يسبق إدراك الشكل . . . . . . . . . .
أ................. ب .قانون الشمول: إن الشكل الغالب الذي
يبرز في مجالنا الإدراكي قبل غيره من الأشكال هو الذي يتمتع بأقصى ما يمكن
من الوحدة والبساطة والانسجام.
عامل الاغلاق: إن الشكل الناقص يميل إلى
أن يكون صيغة جديدة ذات خصائص مميزة. الأشياء الناقصة نميل إلى إدراكها
وذلك بإكمال ما هو ناقص فيها. فإذا كان في الشكل نقص ما (دائرة غيرمغلقة)،
سندركه على أنه كامل.
قانون التشابه: إن الموضوعات المتشابهة في اللون أو الشكل أو الحجم أو اتجاه الحركة تدرك على أنها صيغ وأشكال مستقلة .
. . 0 0 . . 0 0 . .
. . 0 0 . . 0 0 . .
. . 0 0 . . 0 0 . .
. . 0 0 . . 0 0 . .
في الشكل السابق، تدرك الدوائر مع بعضها ، و النقاط مع بعضها.يمكن تلخيص أفكار النظرية الشكلية في فكرتين أساسيتين هما:
- لا يوجد فرق بين الإحساس و الإدراك.
-
إدراك المكان ليس ناتجا عن الخبرة السابقة أو نشاط العقل كما يدعي
العقليون بل هو معطى مع بنية الأشياء المدركة و بالتالي فالإدراك تابع
للعوامل الموضوعية الخارجية.
مناقشة نقيض الأطروحة - إن النظرية
الجشطالتية جعلت الشخص المدرك محايدا وسلبيا لا دور له في عملية الإدراك ما
دامت العوامل الموضوعية هي التي تتحكم فيه و في ذلك مبالغة.
- لقد
أثبتت تجارب التحليل النفسي (خاصة تجارب العالم رورشاخ)، أن تفسير الأفراد
للرسوم و الأشكال التي تعرض عليهم يكون حسب ميولاتهم و انفعالاتهم و قيمهم
الخاصة، و ليس حسب ما تبدو عليه الأشكال.
التركيب :النظرية الظواهرية
Phénoménologie : من زعماء هذه النظرية هوسرل Husserl و ميرلوبونتي
Merleauponty تتميز الفلسفة الظواهرية بما يلي :
إنها ليست مدرسة ذاتية خالصة ولا موضوعية محضة، فهي لا تتناول الموضوع الخارجيبدون الذات ولا الذات بدون الموضوع الخارجي.
إن
المدارس الأخرى تحلل و تفسر الظواهر النفسية، أما النظرية الظواهرية فهي
تصف الشعور كما نعيشه. يرى الظواهريون أن النظرية الذهنية تشوه الإحساس،
لأنها تجعله ميـتا و خاليا من كل معنى، و هذا خطأ لأن الإحساس كامل منذ
الوهلة الأولى مادام يعطي الأشياء قيمة و معنى، و بالتالي فالإحساس و
الإدراك شيء واحد.
أما الجشطالت، فقد شوهوا الإدراك في نظر الظواهريين
لأنهم فسروه من خلال الأشياء المدركة العوامل الموضوعية. و الحقيقة عند
الظواهريين أن الإدراك شعور ذاتي أما الشيء المدرك فهو خارجي عنا، فلا يمكن
تفسير الأول بالثاني.يرى الظواهريون أن الإحساس شعور، و الشعور هو دائما
شعور بشيء ما، إنه نزوعي و قصدي ، و وعي و اتصال بالعالم الخارجي. فلا وجود
لإحساس خال من المعنى أي لا وجود لإحساس خالص.
قال ميرلوبونتي:"الإحساس
الخالص غير محسوس، الإحساس هو أن نعرف بأننا نحـــس، و معرفتنا للإحساس هي
نفسها الإدراك". إنني أدرك منذ الوهلة الأولى السماء و العصافـير و
الجدران...إنني أعطي أسماء لهذه الأشياء. فأنا أدرك العالم بناء على بعض
المعــارف، و الرغبات، و اللغة... و من هنا فكل إحساس يكون مرفوقا بشعور و
وعي بما أحس به. يمكن تلخيص النظرية الظواهرية في فكرتين أساسيتين هما:
- لا فرق بين الإحساس و الإدراك، ما دام الإحساس وعيا بالأشياء.
-
الإدراك حالة شعورية بالعالم الخارجي، و بالتالي فهو يتأثر بعوامل ذاتية و
موضوعية في ذات الوقت.لقد دلت تجارب نظرية التحليل النفسي أن كثيرا من
الإدراكات تابعة لتأثير عوامل لا نعيها أي عوامل لاشعورية.غير أن ما يؤاخذ
على الفلسفة الظواهرية هو كونها لا تعترف بوجود الحالات اللاشعورية ما دامت
تعتبر الشعور هو دائما وعي ،و عليه فالإدراك تتداخل فيه عوامل ذاتية سواء
كانت شعورية أو لا شعورية و عوامل موضوعية تخص الموضوعات المدركة.
الخاتمة حل المشكلة: فالإدراك عملية معقدة، لا يمكن الفصل فيها بين ما هو ذاتي و ما هو موضوعي .
مقدمة: طرح المشكلة :إدراك
المكان يطرح أمامنا مشكلة عويصة إن هذه الأشياء التي ندركها تملك امتدادا
في المكان أي أنها ممتدة ذات طول عرض و ارتفاع ثم أننا عندما ندركها ، فهي
لا تدخل في ذاتنا ,أي نفسنا المدركة ، و هذا يعني أن الشيء المدرك ممتد،
بينما الذات التي تدركه غير ممتدة . فكيف يمكن للذات التي هي غير ممتدة- أن
تدرك المكان الممتد ؟ هل الامتداد صفة محايثة للأشياء الخارجية أم أنه
مجرد فكرة عقلية لا غير؟ فإذا قلنا أن الامتداد صفة محايثة للأشياء المدركة
، فهذا يعني أن خصائص الأشياء الخارجية وعلاقاتها -أي العوامل الموضوعية –
هي التي تتحكم في عملية الإدراك. و بالتالي فعندما نحس بالشيء، فنحن لا
نحتاج إلى تدخل الفكر لكي ندركه، بل عندما يقع الإحساس يقع الإدراك، فلا
فرق بينهما إذن أما إذا قلنا أن الامتداد فكرة عقلية، فهذا يعني أنه عندما
يقع الإحساس يكون خاليا من أي معنى و بالتالي فحتى ندرك الأشياء في المكان
بمختلف أبعادها، ينبغي تدخل العقل و الخبرة السابقة و بالتالي فالعوامل
الذاتية هي التي تتحكم في عملية الإدراك الذي يصبح متميزا عن الإحساس و
لذلك ه..... عدة نظريات تحاول الإجابة على هذه المشكلة
الأطروحة: النظرية الذهنية (العقلية) : و هي ترى أن إدراك المكان فعل ذهني و ليس معطى مع الأشياء المدركة.
يميز
ديكارت Descartes: بين الأفكار التي هي أحوال ذاتية غير ممتدة ، و بين
الأشياء المادية التي هي امتدادات خارجية.و ما دام الإحساس حالة غير ممتدة
فهو لا يستطيع أن يعرفنا بالممتد. إن إدراك الأشياء الممتدة إنما يكون
بواسطة حكم عقلي يعطي للأشياء صفاتها و كيفياتها و الدليل على ذلك أن ما
دامت الموجات الضوئية تصطدم بالعين أثناء الإحساس البصري ، فالمفروض أن
ندرك الأشياء أمام أعيننا أو داخلها لكننا ندركها بعيدة. إذن إدراك البعد
فعل عقلي و حكم نصدره على الأشياء عن طريق المقابلة بين أبعادها الظاهرية.
باركلي
إن إدراك المسافات ليس فطريا بل هو راجع للتجربة، فالأعمى الذي تعود له
الرؤية فجأة سيرى الأشياء تصطدم بعينيه لأنه لا يملك تجربة سابقة عن
المسافة. قال باركلي :إن تقدير مسافة الأشياء البعيدة جدا ليس إحساسا بل
حكم مستند إلى التجربة".نحن لا ندرك الأشياء كما تعطيها حواسنا بل كما
يؤولها عقلنا و قد ذكر آلان مثال : Alain ج- آلان المكعب : فالمكعب الحقيقي
يملك 6 أوجه و 12 أضلع. لكن عند رؤيتك له ، فأنت لا ترى سوى 3 أوجه و
9أضلاع، فكيف تحكم عليه بأنه مكعب إذن ؟ لا شك أنك استندت إلى تذكرك
فاستنتجت بأنه مكعب. قال آلان :"الشيء يدرك و لا يحس به."يمكن تلخيص موقف
النظرية الذهنية في فكرتين أساسيتين هما يوجد فرق بين الإحساس و الإدراك
الذي هو وظيفة معقدة تنطوي على إحساسات مختلفة و عمليات عقلية معقدة
الإدراك تابع لعوامل عقلية ذاتية كالتذكر و التأويل و التخيل...
مناقشة الأطروحة:
غير أن هذه النظرية تعرضت لانتقادات من قبل بعض المدارس الحديثة منها
النظرية الألمانية الشكلية التي ترى أن الإدراك ليس مجموعة إحساسات جزئية، و
لا تأليفا بينها ، لأنه كامل منذ الوهلة الأولى ذلك أن الشيء المدرك هو
ذاته مقدم إلينا في أعماقه الخاصة و بالتالي فالعقل لا يضيف أي شيء كما
يدعي الذهنيون و إلا كيف نفسر صغار الدجاج الذين يحسنون تقدير البعد بينهم و
بين حبة القمح التي يلتقطونها و هم لا يملكون عقلا.
نقيض الأطروحة:
النظرية الشكلية الجشطالتية: و هي مدرسة نفسية ألمانية. كلمةGESTALT
تعني:شكل. و من زعماء هذه النظرية: فيرتيمر، كوفكا، كوهلر في ألمانيا، وبول
قيوم في فرنسا لا يوجد فرق بين الإحساس والإدراك:"الإدراك ليس مجموعة
إحساسات، بل كل إحساس هو منذ الوهلة الأولى إدراك كلي الإدراك ليس عملا
ذهنيا يعتمد على التأليف والذاكرة كما يدعي الذهنيون، بل إن العناصر معطاة
لحواسنا على صيغة شكل أي جشطالت. و من أهم أفكارها :
إدراك المسافات إن
إدراك المسافات ليس فعلا ذهنيا بل يتوقف على الشيء الذي يقدم لنا في أعماقه
الخاصة. إن رؤية العمق هو فعل بيولوجي يتوقف على إتحاد الصورتين المقدمتين
من طرف العينين.
الصيغة والأرضية:الصور ليست مضافة إلى المعطيات
الحسية بل هي محايثة لها ومعطاة معها في آن واحد.الأشياء تتمايز وفقا
لبنياتها الخاصة على خلفية غير متميزة و تنفصل على خلفية بمقتضى الصورة
الفضلى. و الصورة الفضلى – أو الصيغة – هي الأكثر ارتبــاطا و وحدة
وانسجاما بين أجزائها، مما يجعلها تبرز وراء خلفية – أو أرضية - غامضة. و
هكذا فالسفينة في البحر تبدو كصيغة أو صورة فضلى تبرز في المجال الإدراكي
وراء أرضية أو خلفية هي البحر.نحن لا ندرك الأجزاء ثم نركب بينها بل نحن
ندركها كليا لأنها معطاة على شكل صيغة تجعلنا ندركها على أنها بنية.
ج- قوانين إدراك الأشكال: تتحكم في الإدراك مجموعة من العوامل الموضوعية هي:
قانون
التقارب: إن الموضوعات المتقاربة في الزمان والمكان يسهل إدراكها قبل
غيرها.مثلا :إدراك الشكل (ب) يسبق إدراك الشكل . . . . . . . . . .
أ................. ب .قانون الشمول: إن الشكل الغالب الذي
يبرز في مجالنا الإدراكي قبل غيره من الأشكال هو الذي يتمتع بأقصى ما يمكن
من الوحدة والبساطة والانسجام.
عامل الاغلاق: إن الشكل الناقص يميل إلى
أن يكون صيغة جديدة ذات خصائص مميزة. الأشياء الناقصة نميل إلى إدراكها
وذلك بإكمال ما هو ناقص فيها. فإذا كان في الشكل نقص ما (دائرة غيرمغلقة)،
سندركه على أنه كامل.
قانون التشابه: إن الموضوعات المتشابهة في اللون أو الشكل أو الحجم أو اتجاه الحركة تدرك على أنها صيغ وأشكال مستقلة .
. . 0 0 . . 0 0 . .
. . 0 0 . . 0 0 . .
. . 0 0 . . 0 0 . .
. . 0 0 . . 0 0 . .
في الشكل السابق، تدرك الدوائر مع بعضها ، و النقاط مع بعضها.يمكن تلخيص أفكار النظرية الشكلية في فكرتين أساسيتين هما:
- لا يوجد فرق بين الإحساس و الإدراك.
-
إدراك المكان ليس ناتجا عن الخبرة السابقة أو نشاط العقل كما يدعي
العقليون بل هو معطى مع بنية الأشياء المدركة و بالتالي فالإدراك تابع
للعوامل الموضوعية الخارجية.
مناقشة نقيض الأطروحة - إن النظرية
الجشطالتية جعلت الشخص المدرك محايدا وسلبيا لا دور له في عملية الإدراك ما
دامت العوامل الموضوعية هي التي تتحكم فيه و في ذلك مبالغة.
- لقد
أثبتت تجارب التحليل النفسي (خاصة تجارب العالم رورشاخ)، أن تفسير الأفراد
للرسوم و الأشكال التي تعرض عليهم يكون حسب ميولاتهم و انفعالاتهم و قيمهم
الخاصة، و ليس حسب ما تبدو عليه الأشكال.
التركيب :النظرية الظواهرية
Phénoménologie : من زعماء هذه النظرية هوسرل Husserl و ميرلوبونتي
Merleauponty تتميز الفلسفة الظواهرية بما يلي :
إنها ليست مدرسة ذاتية خالصة ولا موضوعية محضة، فهي لا تتناول الموضوع الخارجيبدون الذات ولا الذات بدون الموضوع الخارجي.
إن
المدارس الأخرى تحلل و تفسر الظواهر النفسية، أما النظرية الظواهرية فهي
تصف الشعور كما نعيشه. يرى الظواهريون أن النظرية الذهنية تشوه الإحساس،
لأنها تجعله ميـتا و خاليا من كل معنى، و هذا خطأ لأن الإحساس كامل منذ
الوهلة الأولى مادام يعطي الأشياء قيمة و معنى، و بالتالي فالإحساس و
الإدراك شيء واحد.
أما الجشطالت، فقد شوهوا الإدراك في نظر الظواهريين
لأنهم فسروه من خلال الأشياء المدركة العوامل الموضوعية. و الحقيقة عند
الظواهريين أن الإدراك شعور ذاتي أما الشيء المدرك فهو خارجي عنا، فلا يمكن
تفسير الأول بالثاني.يرى الظواهريون أن الإحساس شعور، و الشعور هو دائما
شعور بشيء ما، إنه نزوعي و قصدي ، و وعي و اتصال بالعالم الخارجي. فلا وجود
لإحساس خال من المعنى أي لا وجود لإحساس خالص.
قال ميرلوبونتي:"الإحساس
الخالص غير محسوس، الإحساس هو أن نعرف بأننا نحـــس، و معرفتنا للإحساس هي
نفسها الإدراك". إنني أدرك منذ الوهلة الأولى السماء و العصافـير و
الجدران...إنني أعطي أسماء لهذه الأشياء. فأنا أدرك العالم بناء على بعض
المعــارف، و الرغبات، و اللغة... و من هنا فكل إحساس يكون مرفوقا بشعور و
وعي بما أحس به. يمكن تلخيص النظرية الظواهرية في فكرتين أساسيتين هما:
- لا فرق بين الإحساس و الإدراك، ما دام الإحساس وعيا بالأشياء.
-
الإدراك حالة شعورية بالعالم الخارجي، و بالتالي فهو يتأثر بعوامل ذاتية و
موضوعية في ذات الوقت.لقد دلت تجارب نظرية التحليل النفسي أن كثيرا من
الإدراكات تابعة لتأثير عوامل لا نعيها أي عوامل لاشعورية.غير أن ما يؤاخذ
على الفلسفة الظواهرية هو كونها لا تعترف بوجود الحالات اللاشعورية ما دامت
تعتبر الشعور هو دائما وعي ،و عليه فالإدراك تتداخل فيه عوامل ذاتية سواء
كانت شعورية أو لا شعورية و عوامل موضوعية تخص الموضوعات المدركة.
الخاتمة حل المشكلة: فالإدراك عملية معقدة، لا يمكن الفصل فيها بين ما هو ذاتي و ما هو موضوعي .